الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

ملعب الحريه


لنتخيل أننا في مباراة عالميه مهمة جدا والملعب كأنه ساحة حرب والجمهور صوته يشق عنان السماء وبينما تحاول الوصول الى مقعدك لاحظت أن النصف المواجه لك من الملعب فيه شئ غريب فالجمهور في ذلك الجانب لا يتحرك وجميعهم صامتين ولا يوجد حتى من يلوح بيده ليشجع فريقا او يصرخ ضد الفريق المنافس فقط جلوس بجمود يتفرجون بدون اي مشاركه كأنهم يتابعون احدى المحاضرات المملة على شاشة التلفاز.

سيكون موقفا غريبا جدا ويثير القلق والتساؤل إن كان بهم مرض ما؟ أم هل أكلوا شيئا أثر عليهم؟ هل تم تنويمهم مغناطيسيا أم شاهدوا طبقا طائرا جعلهم مذهولين جامدين بدون حراك طوال فترة المباراه؟
لو نقلنا هذا التخيل الى واقعنا الحالي للاحظنا أن هذا النوع من الجمهور قد تواجد في جميع الثورات العربيه الأخيره وخاصة الثورة السوريه وهذه ظاهره غريبه قل ان تحدث في السابق حسب معرفتي المتواضعه وأطرح سؤالا للتفكيرهنا بدون إجابة وهو كيف يمكن معالجة هذا الجمهور مما ألمً به؟
من الممكن ان نحلل الأسباب لمحاولة معرفة الجواب إذا كان هناك سبب واضح جلي. هل هو استمرار الخوف لديهم بعد أن  كسربعض المقهورين هذا الحاجز ؟ هل هي مصالح معينه؟ او انتظار لمعرفة من الفريق المنتصر ثم تشجيعه في اخر اللحظات؟أم غير هذا وذاك؟ وهل هذا ما روى التاريخ عن أبائنا وأجدادنا وعن مناقبهم في مناصرة المظلوم واستبسالهم في الأخذ على يد الظالم قبل تماديه وغيه؟
هل وقف حاتم الطائي متفرجا على ضيوفه؟ وهل مقولة الطالبين للحرية الأن تختلف عما قاله عنترة منذ مئات السنين:

لا تسقني ماء الحياة بذلة     بل فاسقني بالعز كأس الحنظل 

لقد اشاد المؤرخ الإغريقي هيرودوتس بحب العرب للحريه وحفاظهم عليها ومقاومتهم لأي ذل منذ القرن الخامس قبل الميلاد ولا ننسى يوم ذي قار حين انتصر العرب على الفرس لرفضهم الذل والمهانه والأمثلة والقصص كثيره جدا في كتب الأولين.

من الممكن ان نأخذ المثال السابق ايضا ونطبقه بطريقة مختلفه كأن تدخل الى الملعب السابق وترى جميع الجمهور مهللا صارخا والجميع يؤشر بيديه وبيارقه وراياته بدون اي استثتاء ولكن تصرع حين تشاهد فريقا واحدا فقط في أرض الملعب لا منافس له والجمهور بأجمعه يشجع هذا الفريق فقط كما هو حال الحزب الواحد الأوحد الذي قتل منافسيه وجلس في الساحة او وسط الملعب وترهل وأجبر الجمهور على الهتاف له لإرضاء نرجسيته وغروره بدون ان يدرك أن هذا لن يدوم طويلا وإن دام فالجمهور المشجع له سيتحول الى أكبر كاره له مع الزمن وأن الفريق الواحد او الحزب الواحد لا يفي بما يريده الشعب ولن يفته إن كان به بعض الذكاء أن استئجار لاعبين وتشكيل فرق وهميه للعب معها لن يمر على الجمهور ولن تنطلي الحيلة عليهم وردة الفعل ستكون أعظم وأقوى ان تم كشفه وهذا ليس بالأمر العسير وعندها سيمتلئ الملعب بأحذية الجماهير والقوارير الفارغه وكل ما تصل اليه أيديهم ثم سينزلوا جميعا للوسط بما فيهم الجزء الذي كان صامتا متفرجا.

وهذا نفسه ينطبق على الجميع حتى أحزاب المعارضه المختلفة فيجب وجود اكثر من حزب معارض ولكنها جميعا يجب ان تتفق على الوقوف ضد الظلم والظالم ومن الصحي والطبيعي ان تختلف في امور ثانيه ولكن تحديد الأولويه في ايقاف الظلم هو مطلب أساسي وأهمية عظمى للجميع.
 وعلينا التفكير في الإزدواجية التي تحصل في بعض مواقف احزاب المعارضه في طلبها من بقية الاحزاب والفرق ان ينظموا الى حزب واحد  فأحد اسباب إجتماع المعارضه في الأصل هو لمحاربة قمع الحزب الواحد الذي لو سمح بوجود أحزاب مختلفة عنه لتم حفظ الألاف من أرواح الأبرياء ولم يكن هناك فساد ولا رشوة وتم إنشاء دولة حضاريه من الطراز الأول تحفظ فيها حرية المواطن ويعرف كل مسؤول ان هناك من يراقبه ويحسب عليه أخطاءه وبالتالي سيحاول أن يبقى بعيدا عن أي خطأ
يوقعه فريسة في يد منافسيه من بقية الأحزاب.
إضافة لذلك فوجود اكثر من حزب في بيئة صحيه سيبقي كل الأطراف في حالة تنافس للحصول على
 المركز الأول وبذل الجهد وتكريس الطاقات والسهر  للحصول على المركز الأعلى والأفضل
 في نظر الجماهير.
يبقى موضوع الحكام والتحكيم في ملعب الحريه وسأترك للقارئ تخيل هذا الموضوع.

هناك تعليق واحد: