الجمعة، 6 أكتوبر 2017

الرسائل المعلبة والجمعة المباركة

---------------------
محمود الجسري

المكان: حول العالم
الزمان: تتكرر يوميا وتتزايد في نهاية الأسبوع. 
الحدث:  رسائل معلبة بالملايين.

شيء غريب لم يحدث سابقا خلال سنوات حياتي ولم أجده في كتب التاريخ. ربما هي التقنية الحديثة التي ساعدت على خلقه وربما هي طريقة التفكير التي وصل إليها بعض الشعوب أو الأشخاص وربما يوجد عوامل أخرى. 
بعد تجاوز الساعة منتصف الليل معلنة الدخول في يوم الجمعة تبدأ ملايين الهواتف بالاهتزاز أو اصدار الأصوات والتنبيهات ويبدأ سيل من الرسائل المختلفة والمتنوعة فمنها المزخرف والملون ومنها ما هو نص أو صورة وتختلف الكتابات والأدعية في كل منها ولكنها كلها تحوي كلمة "جمعة مباركة"...
و يقول قائل هذا شيء جميل... وقد يكون جميلا حقا اذا تحققت به بعض الشروط وأهمها أن تكون الرسالة بها إسم المرسل إليه على الأقل ولكنه قد  يتحول إلى عمل قبيح أحيانا وهذا ما سأحاول إلقاء الضوء عليه  في هذا المقال. 

انتشرت التقنية الحديثة ووسائل التواصل على مدى عدة أعوام وتقاربت المعارف العامة في هذا الموضوع خاصة في ما يتعلق بكيفية استخدام الاجهزة وارسال الرسائل حتى أصبح لا يخفى على البعض أن الكثير ممن تجاوز الستين وحتى السبعين عاما أصبح بإمكانهم وبكل سهولة استخدام العديد من الأجهزة والتعامل معها بمهارة قد تنافس الأصغر منهم سنا بكثير. ومن البديهي أن الكثير جدا أصبح يعرف أنه يمكن انشاء قوائم ارسال تحوي مئات الأشخاص  وإرسال رسالة واحدة لهم جميعا بضغطة زر واحدة. 
مع هذا الانتشار والسهولة دخل حياتنا شيء يسمى الرسائل المعلبة أو الجاهزة وهي رسائل لا تحوي علما نافعا في معظم الأحيان ولم يبذل مرسلها أي جهد في صنعها او كتابتها أو الحصول عليها بل أتته جاهزة أو وجدها على النت وقام بإعادة ارسالها لقوائمه الخاصة التي أضاف ضحاياه "أصدقائه ومعارفه"  لها بدون سؤالهم او استئذانهم ومن سوء حظهم أنهم لا يستطيعون الخروج من هذه القوائم عند رغبتهم في الهروب فهي في حرز مصون ومحفوظة في هاتفه ومحمية بكلمة سر خاصة به ولا مجال ولا بد إلا من مواجهته وخسارته في بعض الحالات او تمعر وجهه وغصته عند طلب ازالتك من قائمة المستقبلين في حالات أخرى. 

يتعدد محتوى هذه الرسائل المعلبة ولكن أشهرها هو رسالة "جمعة مباركة" وهي "موضة" جديدة تم ربطها بالدين وهي لا علاقة ولا تأصيل لها به ولنفرض جدلا انها ذات صلة به لمن نوى ذلك من باب التحية فالأولى أن لا تكون معلبة بل يجب أن يذكر بها إسم الشخص الذي تود تحيته وإلا كان عملا ينقصه اللمسة الشخصية والمباشرة وأنت تعلم وهو يعلم انك أرسلت رسالة واحدة لمئات وربما ألاف الناس وقد يكون شخصا ذا منزلة خاصة منك ولكن بعدم تحديد اسمه ومعرفته أنها رسالة معلبة فقد يحصل النفور بدل التقارب لإحساسه أنك تعامله بهذه الطريقة التي قد لا يحبها ويحصل بعد وجفاء بينك وبينه لإحساسك أنك قد قمت بواجبك بالتواصل والتحية معه بعد تلك الرسائل وبالتالي تهمل التواصل المباشر معه. 

ربما أقبل برسائل معلبة في الأعياد وأعذر مرسلها لكثرة الأصدقاء والأشخاص في قوائم الاتصال ولكني شخصيا لا أعذر الرسائل الأسبوعية المعلبة والمكررة والتي لا تحوي أي معلومة جديدة مفيدة وغالبا ما أطلب من الشخص إزالتي من قوائمه بلطف.

و الأهم من ذلك بعض هذه الرسائل قد تكون مشتتة للانتباه ومضيعة للوقت وهذا الموضوع ذكرته في مقال منفصل بعنوان فن هدر الوقت


                             --------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق