السبت، 22 فبراير 2020

خلاصة كتاب أسس التقدم عند مفكري الاسلام ل د. فهمي جدعان

أسس التقدم عند مفكري الإسلام في العالم العربي الحديث للدكتور فهمي جدعان هو مرجع لنظريات وأراء المفكرين في الشأن العربي والإسلامي في الأزمنة الحديثة.
يبدأ الكتاب بسرد المراحل الثقافية – الاجتماعية كما نظر لها ابن خلدون وهي  1- تنوير ديني وبناء حضارة 2- توقف حضاري وتوازن 3- اختلال التوازن والانحطاط 4- اليقظة والنهوض. 
 يعرف الكاتب التقدم على أنه فكرة تعبر عن مفهوم اجتماعي - تاريخي - معياري أخلاقي  (نسبي) وهو مرتبط بالتطور والتغير (هو تغير مرتبط بقيمة) وهو اقدم من الثورة العلمية الصناعية والفلسفة الداروينية.  وعبر العرب سابقا عن التقدم بكلمات مثل الترقي والتمدن أوالتحسين والفوز والصلاح. وينبه الكاتب أننا غارقون في مفهوم علمي - تكنولوجي خالص للتقدم بمعنى أن التقدم العلمي مرادف للتقدم الإنساني وليس بالضرورة الربط بين الإثنين.

 في الفصل الأول "ميتافيزيقا التقدم" يذكر الكاتب اختلاف الأراء القديمة في تقييم العصر ونظرتها السلبية أو الإيجابية للمستقبل والعلوم مع ملاحظة الكاتب للفلاسفة المقربين من الحكام (الكندي - ابن سينا - الغزالي - ابن رشد)  مقابل غيرهم مثل (السجستاني - التوحيدي – الفارابي) كما يذكر أن التقدم أنواع (ثقافي - كوني - روحي ...) والذين حملوا في نفوسهم الأمل بالتقدم كانوا نخبة شبه معزولة اجتماعيا.
 في ما يلي أبرز المفكرين وأفكارهم بهذا الخصوص : 
- الجاحظ  ينعت عصره بالكفر الذي اتى بعد التوحيد ثم الفجوروللتغيير يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 
- الطرطوشي يقول "ذهب صفو الزمان وبقي كدره فالموت تحفة كل مسلم". 
- الغزالي اعتقد بالفساد والتدهور ثم التجديد في دورة مئوية. 
- ابو يوسف يعقوب بن اسحق الكندي دافع عن الفلسفة وتعلمها. 
- الفارابي وابن رشد قررا ان كل شيء في الفلسفة قد قيل في عصرأفلاطون وأرسطو. وهذا حد من الابداع الفلسفي الخالص عندهما.
- السجستاني: صيرورة الكون وتحوله يتم في كل ساعة وهو في تطور مستمر نحو الخير والكمال والمستقبل أفضل.
- ابن سينا ادرك ان الهداية ليست محصورة بمن سبق فقط والحقيقة لم تستنفذ وفي الوسع البحث الدائم عنها. 
***
في الفصل الثاني "الحقيقة والتاريخ" ينتقل الكاتب لسرد الأراء التالية: 
- الماوردي  كان لديه نظرة توازن بين الدين والدنيا لأن الإنسان بحاجة للتحكم في دنياه للتزود منها لأخرته والتي كانت مخالفة لفكرة  "الخلاص شخصي" عند الغزالي فالعاقل هو الذي لايشتغل بدنياه إلا لاستعداده لمعاده وهي تمضي كالظل. أما مقاصد التكليف عند الماوردي فتنصب على النفع للإنسان وبالنسبة للعلاقة بين الفرد والدنيا فهي جدلية طردية.   
- الطرطوشي أيضا جرى على نفس شعورالغزالي  بمقت الدنيا والعدول عنها لشؤون الأخرة. 
- ابن خلدون انتبه لمرور مراحل النهوض والانحطاط  ولاحظ أنه قد اذن للعمران الذي سبق بالانقراض لحتمية ذلك في نظره وتحول فكره للواقعية و لمنطق العقل الصارم. يرد جدعان على الجابري في ادعاءه ان ابن خلدون كان لا يهدف للتعرف على قوانين الاجتماع ويؤكد أنه كان يريد الكشف عن القوانين التي تتحكم في الصيرورة - التاريخ. 
- البرت حوراني قال أنه يمكن تغيير حتمية ذلك الزوال بتبديل عصبية ابن خلدون لشريعة دينية ويذكر الكاتب أن هذا ممكن قبل التحول للملك. 
- نظرية العوائد عند ابن خلدون تتكلم عن تغير طبيعة الناس وعوائدهم ومزاجهم -نفسياتهم وسيكولوجيتهم - فما يألفه الانسان يسود على طبعه ويصبح خلقا وملكة وعادة تنزل منزل الطبيعة والجبلة.
- يذكر الكاتب أن أحد أسباب الانحراف وعدم لحاق الثورة الصناعية في فترة تطور المجتمع العربي الاسلامي الكلاسيكي هو تحقير الحرف اليدوية والعملية هابطة بأصحابها لمراتب دنيا. 
 ***
الفصل الثالث الدخول في الأزمنة الحديثة:
- لاحظ ابن خلدون 1400م أن دولة العرب وأيامهم قد درست وانتهت.
- انتقل الحكم  للأتراك الذين حولوا اللغة الرسمية  للتركية وبقيت الدول العربية بمشاكلها المزمنة والأنظمة الاجتماعية والاقطاعية  وبسبب الحروب التوسعية (وليست الدعوية) زادت الضرائب المدفوعة لذلك الجهد العسكري. 
- دخل العالم العربي الأزمنة الحديثة باعتباره جزء من الدولة العثمانية وواجه ما واجهت وعند سقوطها وجد نفسه ضعيفا ممزقا مستعمرا في مواجهة معركة التقدم. 
- في بدايات القرن التاسع عشر كان الأزهر يكتنفه الجمود والتقليد وناس يغلب عليهم التصوف والخرافات ولم يكن هناك اثر يذكر للعلوم الطبيعية واهمل امر المدارس وامتد ايدي الاطماع لأوقافها حتى توقفت وانتهبت وتشابه الوضع في بلاد الشام. 
- الشيخ حسن العطار بعد حملة نابليون يذكر: " إن بلادنا لا بد ان تتغير احوالها ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها" (يقصد التقدم العلمي) وسعى في ارسال تلميذه الطهطاوي لباريس الذي عمل عند عودته على طبع المقدمة والبحث عن سبب انهيارالامم وبنائها وكيف السبيل للتمدن والتقدم وعكس أراءه في "تخليص الابريز في تلخيص باريز" و"مناهج الألباب المصرية في مباهج الأداب العصرية". 
- الطهطاوي يقول أن التمدن أصلان: معنوي في الاخلاق والعوائد والأداب للوصول لفعل الخير للجميع ومادي هو الاشتغال بالعلوم والمنافع العمومية (اندوستريا) والبراعة والمهارة في العمل والصناعة.
- خير الدين التونسي عضو المدرسة الحربية والزيتونة  ربط بين التقدم العمراني وبين العدل والحرية. فتقدم المعارف يحتاج مؤسسات معتمدة على العدل والحرية أو "منظمات مؤسسة على العدل السياسي"  مشابهة لغيرنا ممن تقدم. 
 - محمود قبادو (تونس) ،"مكتب العلوم الحربية"،  الذي يلاحظ تقدم السلاح الغربي. وتوقف خوف الغرب من الدولة الاسلامية بعد استحداث " الصواعق الصناعية" أي الاسلحة النارية الفتاكة. وذكر أن تلك هي سنة التداول التي تأتي لصالح من يسعى ويعمل. (ذكر قبادو المرايا المحرقة وبصريات ابن الهيثم) وأهمية العلم.
- قبادوا نظر للموضوع نظرة مباشرة بالعلم تحصل القوة والتفوق المباشر بينما الطهطاوي قال بالحاجة لعملية  تنسيق وتكييف لما تؤثر به الحياة الصناعية التقدمية في الحياة الدينية والروحية. 
-  أحمد بن أبي الضياف 1876م المتأثر بابن خلدون وبخير الدين التونسي. تحدث عن انواع الملك: -المطلق القهري وهو يعارضه الشرع والعقل- الجمهوري حين يقدمون شخصا باختيارهم لفترة معينة كما في بلدان أمريكا وغيرها - والملك المقيد بقانون شرعي او عقلي سياسي.
- محمد بيرم التونسي عاصر خير الدين وابن الضياف ولاحظ ما لم يلاحظوه من خلل في النظام النيابي الفرنسي من رشوة لبعض المناصب واعتقادات بخرافات باطلة في الغرب كحلول الأرواح والبخت حيث كان البعض ينزهها وهي حاوية لخرافات مشابهة لما في الشرق. 
- جمال الدين الأفغاني ت 1897 جاء في زمن الاستعمار وأغرته فكرة توحيد الأديان السماوية الثلاثة الموسوية والعيسوية والمحمدية لما لاحظ من الاتفاق بينها.  ثم رجع عن ذلك وادرك ان الداء هو "انقسام سكان الشرق وتشتت ارائهم واختلافهم على الاتحاد واتحادهم على الاختلاف" رغم مرورهم "بأوقات نحسة" ويقفون على شفير الهاوية والخطر. والخلل هو مااعترى العقائد من خلل وتشويه وهذا سبب الضعف والتخلف.  
- بالنسبة للأفغاني فأسباب الانهيار الخارجية هي (حروب الصليب والمغول والتتر والغرب) والأسباب الداخلية(التوسع العثماني والمسألة الشرقية - سياسية التتريك في المنطقة العربية - غياب العدل والشورى - دخول العنصر الأجنبي وتراخي العصبية -الانغماس في السفه والترف والبذخ والسرف  وحرص المسؤولين على طيب المطعم ولين المضجع وتطاول في البنيان - وتردي الأخلاق وذهاب الفضيلة بشكل عام) 
- التمدن المادي هو ليس تمدن حقيقي فتمدن الحروب هو جهل وهمجية وتوحش. التمدن هو ذو بعد أخلاقي إنساني.  لذلك الغرب يتقدم ماديا اما إنسانيا فهم فيه صنوان والجميع متأخر. 
- علي يوسف يرى أن "التمدن دهري" و"المدنية دائمة مستمرة في الوجود تابعة لوجود الانسان مرتقية بارتقائه" وتعريف التمدن هو " الكمال للمجتمع الانساني" أو هو "تمام نظام الهيئة الاجتماعية" 
- عبد الله النديم وهو مصري معاصر لعلي يوسف وقع ايضا في اغراء التركيب بين الاسلام والفكر الغربي وقال أن الأشياء تتميزبضدها وأسباب التقدم الغربي الرئيسية هي توحيد الممالك والسلطة والجامعة الدينية والمحافظة على هذه الوحدة. إضافة لعوامل فرعية هي: 1- حرية الكتاب في نشر الافكار بعكس الشرق 2- الاستثمار في الصناعة والتجارة مقابل الملذات والشهوات أوالاستيراد في الشرق 3- تشجيع الاختراعات والصنائع النافعة مقابل الاهمال 4- مكافحة الأمية مقابل ترك العلم توهما ان انتشاره يهدد أنظمة الحكم 5- الأخذ بنظام المجالس والنواب والشورى مقابل الاستبداد 6- إحداث الأمم الأوروبية لمجالس السمر الفكري والأدبي والمدني العام مقابل مجالس الشرقيين من غيبة ونميمة وشهوات. يقرر النديم أن "الدين الاسلامي كان السبب الوحيد في المدنية وتوسيع العمران أيام كان الناس عاملين بأحكامه" ويحث على قيام العلماء بالنهوض والارتفاع بالأمة. 
- علي مبارك  يقول ببساطة وتبسيط أن "اتساع دائرة العلم والمعلومات" هو الذي نقل البلاد لأورباوية من حالة التوحش والخشونة لدرجات الكمال والسطوة والاعتبار. إضافة لنمو الثروة وزيادتها والتقدم في الفلاحة والتجارة والصناعة والملاحة. وسبب التخلف هو انحسار تعظيم العلم وأهله وانحراف الخلف عن سيرة السلف في نبذ مصالح الأمة وجريهم وراء شهواتهم الخاصة.  يتفق علي مبارك مع خير الدين في ان العلم والعدل أساس التقدم والجهل والظلم أساس التقهقر.

                                             ***

الفصل الرابع - التوحيد المتحرر
- يذكر الكتاب أن نشأة التصوف ترتد لظاهرة الفساد الاجتماعي والسياسي في الحياة الاسلامية اضافة لظاهرة "العقلنة" المسرفة التي تجلت في علم الكلام والفلسفة الهيلينية بينما قلل أهل السنة من شأن الفاعلية الانسانية الحاسمة على الأرض مقابل المعتزلة الذين انتهوا الى الغلو في تمجيدهم لصورة مجردة لله وللإنسان. وصاحب هذا كله تقهقر سياسي واجتماعي وفوضى وفساد. 
- حاول مفكرين محدثين اصلاح علم الكلام بالتأكيد على ان المطلوب ليس هو العلم بوجود الله بل الاتصال وتجديد الصلة به (محمد اقبال - بن نبي  - محمد عزيز الحبابي وعثمان أمين وقبل ذلك محمد عبد الوهاب وقبله ابن تيمية) 

- علم الكلام لم يؤلف به جديد يذكر منذ القرنين الثالث والرابع الهحري حتى ظهرت "رسالة التوحيد" لمحمد عبده. 
- محمد عبده: سلطة العقيدة والوجدان على الانسان اقوى من سلطة العقل فهي تكبح الشهوات وتحثه على الخير وتذكره بالله.  أما المذهب السائد في الاسلام فهو التوسط بين الجبر المطلق والاختيار المطلق. بالنسبة للانحطاط فسببه لا يرجع للعقيدة الاسلامية بل لانقلاب الصورة الاصلية لها وتوقف فاعلية أهلها انفسهم. 
- الكواكبي: الجبرية والزهد موجودين في جميع الديانات لتحد من شره الطبيعة البشرية في طلب الغايات ولكن معظم المسلمين لجؤوا للقدر والزهد عندما غلب عليهم  جهل الاسباب والمسببات الكونية والعجز عن كل عمل. 
- حسين الجسر: تصدى لمجابهة العلم الحديث فكتب الرسالة الحميدية و الحصون الحميدية للتصدي عقليا - برهانيا للفلسفات الجديدة. 
- ثلاثة رواد ساروا في طريق الجسر وكان كتاباتهم مشهورة في النصف الأول من القرن العشرين وهم 
- طنطاوي جوهري ت1940م (مصر) الذي حث على علوم الفلك والبيولوجيا. فمن اراد معرفة الله - التوحيد الحقيقي - فعليه ان ينظر في عجائب هذه العلوم المدهشة.  
- محمد جمال الدين القاسمي (سوريا)  صاحب كتاب دلائل التوحيد. المليء بالأدلة الفلسفية والعلل. "كلما ازداد المرء علما بفنون الكون والطبيعة ازداد معرفة بموجد الكون وأياته"
- محمود شكري الألوسي (العراق) يستند الى أن العقل(العلم) والنقل كلا منهما يصدق الأخر ويؤيده.
- إضافة لمفكرين غيرهم مثل محمد عزيزي الحبابي من المغرب وعثمان أمين من مصر صاحب الفلسفة "الجوانية". (امتداد لنظرة محمد عبده وبرجسون واقبال الابتسمولوجية. وهي طريقة روحية لرؤية الأشياء بمعنى أن تلتمس الباطن دون ان تقنع بالظاهر وان تبحث عن الداخل بعد ملاحظة الخارج وان تلتفت دائما الى المعنى والقيمةوالماهية والروح من وراء اللفظ والكم والمشاهدة والعيان).

- لقد أوقع تقدم العلم التطبيقي الإنسان في "غربة" مروعة وليس ثمة مخرج له من هذه الغربة الا بإحراز تقدم في "علم الروح" وفي الانتصار للمثالية وفي ختام هذا الفصل يحق لنا الاعتقاد ان الفكر الاعتقادي الاسلامي الحديث - رغم ضعفه العلمي الفلسفي-  قد تحرر في اواسط هذا القرن من قيود وتصورات كثيرة كانت تكبله وتمنعه من القيام بدول فعال وحيوي في الحياة النفسية والاجتماعية والأخلاقية للمؤمنين.

                                            ***

الفصل الخامس  - دروب الفعل
- في هذا الفصل يتفق عدد من المفكرين أن الانحطاط يعود أولا وأخرا لأسباب سياسية منها الفرقة والاختلاف. أبرز الأفكار في فصل دروب الفعل هي التالية: 
- أبي الهدى الصيادي أيد السلطان بصيغة الدعوة لاتحاد داخلي وانقياد تام له وقال ان أحكام القوانين الغربية الحديثة محرفة من اصل احكام شرعية وان الزمان يقتضي االاخذ بها فا"المساواة الزمنية هي مساواة شرعية" وهاجم الوهابية قائلا انها خرجت من الدين كالسهم بخروجها عن طاعة الخليفة المعظم ظل الله على الارض ويجب طاعته عادلا او جائرا.
- رشيد رضا ( من تلاميذ الجسر): شد الرابطة وتوثيقها بين المسلمين بإجراءات كأن يعرفوا تاريخ بعضهم ويكون لهم طرق للتعارف كالجرائد والاجتماع في الحج وغيرها.  كما يجب الاصلاح الديني والاصلاح التربوي للوصول للاصلاح السياسي.  والاصلاح الديني لا يكون بعمار المساجد والتكايا والرواتب بل أعمال تناط بالحكام والعلماء وأصحاب الوظائف الدينية. وأول شروط الاصلاح السياسي الحكومة الشورية بالعدل بموظفين اكفاء أجراء لا مستبدين.  وهذا يحتاج استعداد الأمة للإصلاح (من خلال نشر العلوم والاداب الاجتماعية والاخلاقية والأفكار) . ليس الدين هو المؤشر لصلاح الأمم (وماكان ريك ليهلك القرى واهلها مصلحون)  بل الظلم والصلاح هما قانونا الترقي والانحطاط ومبدأ الصلاح هو تعميم التربية والتعليم والاصلاح الديني الاجتماعي. 
- محمد توفيق البكري (شيخ مشايخ الصوفية) قال أن مستقبل الامم يتوقف على امرين طبيعيين هما كثرة السكان وخصب المكان ومن البديهي ان مستقبل الاسلام كبير وشأنه خطير وللارتفاع بالمسلمين يجب الحرص على العلم ونادى أيضا بجامعة اسلامية. 
- إنتبه مفكرون لخطورة فكرة الجامعة وسيطرة شخص عليها وملابساتها وإثارتها لغير المسلمين وأولهم محمد عبده ورد على ذلك  بتفاصيل. 
- عبد الحميد الزهراوي: لاحظ أن فكرة الجامعة تعني الاتفاق "ان القرأن كناب الله جاء به محمد رسول الله" ولكن هذا الاتفاق لم يمنع الاختلاف في تاريخ المتفقين.  "فمنذ اختلف المسلمون ثلمت جامعتهم ولم يتفقوا سياسيا بعد عهد عمر ولا دينيا بعد عهد علي". 
- رفيق العظم: أقواله مشابهة للزهراوي والإثنين مالا للقومية. 
- شكيب أرسلان: كان داعيا للجامعة الاسلامية وكذلك محب الدين الخطيب وأكدوا ان نهضة الاسلام مرهونة بنهضة العرب. أكد ذلك أيضا محمد كرد علي.
- عبد الرحمن البزاز(العراق) : وحد بين الاسلام والقومية وجعل من الاسلام دينا قوميا عربيا. فالتعارض بين الدين والقومية تعارض ظاهري نشأ من سوء فهم وسوء تصوير وتفسير للدين وللقومية التي تصور الناس انها لا تقوم الا على دعوة عنصرية او عصبية بل هي ترتكز على "الروابط اللغوية والتاريخية والأدبية والروحية والمصالح الاساسية في الحياة"  لكنه عدل موقفه في 1952 فقال انه دين العرب  ولكنه ليس خاص بهم حصريا دون سواهم "كما هي اليهودية". وينادي بتوحيد عربي وليس إسلامي لأن الثاني ليس عملي في الظروف الراهنة لأسباب جغرافية وسياسية واجتماعية. 
- المؤرخ عبد العزيز الدوري (العراق) وافق البزاز في كثير من طرحه. 
- ساطع الحصري:  اتجاه قومي خالص وفلسفة وضعية مع عشق الأفكار القومية الأوروبية.
- عاد المصلحون الدينيين "الواقعيين" لمفهوم "الجامعة الاسلامية"  والاتحاد الروحي والمحبة والنصح والأمور المعنوية التي "ليس للمادة حظ فيها" ومنهم التونسي الطاهر بن عاشور. 
- مالك بن نبي قدم صيغة معتدلة للجامعة الاسلامية سماها "كومنولث اسلامي"  في صيغة لا تتشدد للوحدة الشمولية ولا تتراخى في مفهوم الأخوة المعنوية.
- الكواكبي: تعددت علل التقهقر والتخلف في الدين والأخلاق والسياسة ولكن اهمها هو الاستبداد فهو علة العلل كما ذكر في طبائع الاستبداد. (أم القرى - البليغ القدسي - المولى الرومي - الامام الصيني ). أكد أن البلية فقدنا للحرية والعدالة والأمن وأن الحرية هي روح الدين وهي أعز شيء على الانسان بعد حياته بفقدانها تفقد الأمال وتبطل الأعمال وتموت الأنفس وتتعطل الشرائع وتختل القوانين.
- محمد رشيد رضا: قال أن استقلال الفكر ومكافحة الاستبداد ونشدان الخروج عنه والتنبيه لذلك في العصر الحديث هو مما يدين به الشرق والمسلمون للغرب.
- عبد الحميد الزهراوي: قام بمحاربة  "التحجر الفقهي والعطالة الصوفية وتقديس التاريخ والأزمنة المظلمة " وهي جميعا وجوه للاستبداد. المذاهب فرقت المسلمين أما توقف الفقهاء عند الجزئيات فهو صنعة ومصالح. نشط  في السسيولوجيا السياسية وذكر نصوصا فيها نقد قاسي اثار عليه نقمة الجماهير والمشايخ التقليديين. نادى بالإصلاح الديني وقال ان السعادة الحقيقية هي في تغليب المنافع العمومية على المنافع الشخصية والسعادة الذاتية لا تتحق بشكل صحيح الا ضمن سعادة مجموع الأمة.  قال الشيخ "ان الروح الذي كان غالبا في ذلك العهد هو روح استعباد لا روح استبداد بسيط" و"التربية السياسية تقع على عاتق الجمعيات" .
- شكيب أرسلان: ظل الى جانب الاتحاديين في دخولهم الحرب مع ألمانيا. وحاول كبح جماحهم وصدهم عن اعدام فريق مستنيري العرب. ولكن جميعهم  خسر المعركة وسيطرت انكلترا وفرنسا. 
- أسماء من نادى بالتغريب (نبذ الشرق واللحاق بالغرب أو ليبرالية أو علمنة) من المفكرين وسمي ب"الدائرة الصماء": أحمد لطفي السيد - شبلي شميل - سلامة موسى - طه حسين - محمد حسين هيكل - علي عبد الرازق - محمود عزمي - منصور فهمي - اسماعيل مظهر.  ومنهم من عاد للأصالة العربية الاسلامية لاحقا.
- محمد حسين هيكل: ادرك وجود ازمة روحية لدى الغرب منذ 1920 وكيف أنه يلتمس لها علاجا في فلسفة الهند وادرك أن السياسة الأوروبية تدعم انشطة تبشير مسيحي في الأمة الاسلامية أو تأييد أنصار الجمود الإسلامي. 
- علال الفاسي: في الخمسينات من القرن العشرين وفكره يشتمل على قدر كبير جدا من المرونة والوعي والقدرة على التكيف مع العصر وربما يمكن القول انه أحد الأصوات العربية الاسلامية النادرة التي تكلمت بلغة العصر دون الخروج من قيم الاسلام الجوهرية : "أعظم طابع يميز الديانةالاسلامية هو بناؤها على اصول متينة تجعلها قابلة للتطور والسير دائما إلى الأمام"  "النظر والتفكير الدائب"  لتحقيق الغاية من خلق الانسان "خلافته" وهي عمارة الأرض واصلاحها من اجل خير الانسان في الدارين على حد سواء" (علال الفاسي - النقد الذاتي.) 
- في هذا الفصل فرق الدكتور فهمي جدعان بين "المنجزات التقنية" وبين "المادية" في الحياة الحديثة التي تغزوها تلك المنجزات التقنية والتي جرت العادة على نعتها ب "المادية".
- علي عبد الرازق اخطأ وأصاب (أخطأ في وصفه بعض الأمور بأنها ليست من الدين وطالب بفصلها واصاب في وصفه هالة الخلافة الملكية وقدسيتها) وربما فعل ذلك لتجنب الخلاف مع السلطان فواجهه العلماء ولكن صرخته تلك نبهت الكثير من المفكرين بعده ووجهتهم للتفكير النقدي.
- خالد محمد خالد 1950 حاول احياء دعوة علي عبد الرازق وطالب ب"عزل هذه الكهانة الخبيثة وتنقية الدين من شوائبها". 
- عبد الحميد بن باديس ت 1940 مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. عبر عن فهم جديد لمنصب الخلافة متفقا مع عبد الرازق. 
- حسن البنا وجماعته دعت لتصور شامل يضم تحت جناحيه كل التجليات النظرية والعلمية للإسلام. واستبعدت مصطلح الحزب لكنها لم تنبذ مضمون العمل الحزبي أي العمل السياسي. اقترب البنا من التصور الديمقراطي المعمول به في الغرب.  من أغرب ما يمكن ان يلاحظه الباحث أن نظام "الحزب الواحد" الذي وضع دعائمه جمال عبد الناصر هو نظام استلهمه من افكار حسن البنا نفسه مؤسس الجماعة الذي رأى ضرورة ان تحل جميع الأحزاب المصرية (لتعددها وتناحرها) وتجتمع قوى الشعب في حزب واحد. 
- عبد العزيز جاويش ت 1929م: ألح بشدة على القول بمجاراة الشريعة لأحكام التمدن والترقي. "الإسلام صالح لكل زمان ومكان".
- الدكتور السنهوري: نادي بوجوب الرجوع للشريعة عند مراجعة التشريع المصري وعدم اقصائها من مصادره كما كان الحال في القرن الذي قبله.وكذلك احمد حسين المحامي. 
- عبد القادر عوده: درس الشريعة 1945 لمقارنتها بالقانون الوضعي  وقرر سموا احكام الشريعة في القانون المدني والجنائي. 
- بينت دراسات الغربيين انفسهم أثر الفقه الاسلامي في القانون الفرنسي خاصة (سيد حسين ومحمد صادر فهمي وعودة).
- العقاد: "أقرب الأقوال الى سند السيادة في الاسلام هو الرأي القائل انها عقد بين الله والخلق من جهة وعقد بين الراعي والرعية من جهة فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". 
- ذكرالكتاب النبهاني وحزب التحرير وجعله الخلافة مقابل الديمقراطية. 
- أحمد عروة: المهمة الأعظم والأصعب هو خلق الأحوال الروحية والعقلية والاقتصادية والاجتماعية لبعث المجتمع الاسلامي.
- ختام هذا الفصل أن قضية المفكرين المسلمين السياسية تحتاج لصيغ أكثر نجوعا تركز اكثر على الديمقراطية المعدلة التي تكلم عنها البزاز وعوده والفاسي وينبغي الاعتراف ان التجارب التي تمت حتى الأن لا تبعث على الرضى ويجب القول ان الفصل الكامل للاسلام عن البناء الاجتماعي والسياسي هو امر لا يعكس النظر للمشكلة من داخل الاسلام نفسه.
                                           ***
الفصل السادس - القيم 
- يقول خير الدين التونسي ت1890  "أن التمدن الاورباوي تدفق سيله في الأرض فلا يعارضه شي الا استأصلته قوة تياره ولا نجاة الا لمن يحذوا حذوه". وهذا يقطع ما اشار اليه ابن خلدون من رابطة جوهرية بين الحضارة ونهاية العمران وان الغلبة والعمران والمعارف لا تحمل بالضرورة في طياتها بذور فنائها. مضى قرن كامل قبل النقد الكامل هذه النظرة. 
- رفيق العظم ت1925 : التقدم المدني الانساني مرهون بالثروة والعلوم والعمران والقوة السياسية في الجماعة إضافة للروابط الاجتماعية وما ينشأ منها من تعاون وتعاضد. وتلاشي العمران وخراب البلدان ليس نتيجة حتمية. التلاشي محكوم بأسباب يمكن تحديدها ويمكن تلافيه أو الافلات حتميته . أما أسباب التحول وتقلب الدهور فيمكن تلخيصها في 1- اختلاف مشارب غايات الإنسان  2- اختلاف الفطرة 3- سرعة او بطء التمدن 4- الحروب الدائمة 5- تسارع الاقتصاد في الترف والسرف والفواحش  والغلاء دائم  فيضطر الناس للاقدام على المحظورات لتحصيل النقود فتزداد السرقة والغش ويزداد الفقر والتأخر فتتلاشى المدنية 6- اختلاط المتمدنين بغير المتمدنين يكون سببا لتقدم غير المتمدنين على الأخرين.

- علي يوسف ت 1913 تسويغ سيطرة القوي المتقدم مدنيا على الضعيف وهذا يسوغ هيمنة الغرب ويغيب الحق والعدل.

- المفكرين السابقين يميزون بين المدنية الحقة والباطلة. المدنية الحقة ليست في التوسع في الماديات وانما قبل كل شي هي سيرة تكسب المتمدن صحة في الجسم والعقل وسعادة في الدنيا والأخرة. إنها اخلاق فاضلة تثمر ائتلاف الافراد واتحاد الجماعات وسعي وعمل لعمارة البلدان وارتقاء الحالة الاجتماعية واكتساب الفضائل وابتعاد عن مناكر الاخلاق وتشييد صروح العلم.

- الهجمة الغربية على الاسلام وتمدنه قد شحنت الجو الفكري الاسلامي في اواخر التاسع عشر بحمى الجدل الديني واندفع الكتاب المسلمون في التيار الذي خطه الغربيون وراحوا يدورون في الجدلية الغربية نفسها ما بين دفاع وهجوم وتسويغ.

- محمد فريد وجدي ت1954 رأى أن  "الإسلام روح المدنية الحقيقية وعين امنية النفس البشرية ونهاية ما ترمي اليه القوة العقلية".

- الإصلاحي البيروتي مصطفى الغلاييني ت 1944: رد على كتاب "مصر الحديثة" للورد كرومر المعتمد البريطاني في مصر وزعانفه بكتاب "الاسلام روح المدنية"  يؤكد فيه انه دين يرافق العقل ويمشي مع المدنية ويصافح الانسانية. ويعزز قول محمد عبده "ان الاسلام محجوب بالمسلمين".

- مالك بن نبي ت 1973: أبرز مفكر عربي عني بالفكر الحضاري منذ ابن خلدون (استاذه الأول).
فكرة الانطلاق لدى مالك هي أن " مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارته ولن يفهم او يحل مشكلته ما لم يرتفع بفكرته الى الاحداث الانسانية وما لم يتعمق في فهم العوامل التي تبني الحضارات او تهدمها" . أما الخلاص من الاستعمار فيحتاج لتحول نفسي من "القابلية للاستعمار".
 الحضارة عند مالك هي انسان وتراب ووقت وهذا كله بحاجة لمركب والتحليل التاريخي يدل ان المركب الذي رافق تركيب الحضارة هو "الفكرة أو الاعتقاد الديني أو الايديولوجي". ولكل حضارة حياتها او "دورتها" من نهضة - توسع للأوج - ثم أفول. وهذه الدورة خالدة لكنه ليس يؤوسا كابن خلدون ذلك أن المبدأ الذي تعبر عنه الأية " لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" يجعل الأسباب في أيديهم.
أي محاولة للنهضة او اعادة البناء ينبغي ان تستند لوعي كامل بتاريخ هذه الحضارة والمراحل التي مرت بها او انتهت اليها(روح -عقل - غريزة) . في مرحلة الغريزة او بعدها يوجد "انسان ما بعد الموحدين" وهو انسان يعمل لحسابة الخاص (فردية وغرائز) فينحط المجتمع وتتهيأ القابلية للاستعمار ثم الاستعمار. وأول واجبات العالم الاسلامي هو ان يقطع المسافة التي تفصله عن التقدم المادي بدون الارتداد عن المثل الاخلاقية وكذلك الجمع بين العلم والضمير وبين الخلق والفن.

- سيد قطب: لا يعنى بالتحليلات الفلسفية مثل مالك بن نبي بل يقرر قضايات مباشرة. وينظر للمجتمعات على انها مجتمعات جاهلية مع موقف سلبي من الحضارة الغربية بشهادة الكسيس كاريل صاحب كتاب الانسان ذلك المجهول. (يبين كاريل في كتابه ان التقدم العملي المادي لم يصحبه تقدم مواز ومكافيء في علوم الانسان بل ان الانسانية مهددة بالمادية التي تضغط على السمو العقلي والعاطفي والجمالي والأخلاقي للذهاب  لكارثة والحل هو تقدم علوم الانسان).الإسهام الأكبر لقطب في مسألة الحضارة هو تأكيده على تعديل الحضارة الغربية على اساس مثالي واقعي تتحقق فيها انسانية الانسان وتسحب المادية الخالصة.

- ذكر أيضا في هذا الفصل محمد البهي وعلال الفاسي. وقال بأن العديد من المفكرين المسلمين في العالم الحديث امنوا بأن "التمدن" او الحضارة تستحق ان ترقى لمرتبة "القيمة" التي تدفع بصاحبها للتميز الانساني وقد صعقوا بالحضارة الغربية فوحدوا بينها وبين التقدم لكن ما لبثوا ان ابتعدوا عنها مدركين مخاطرها وانها على ضرورتها التقنية يجب ان تكون ذات وجه انساني. 

- عبد القادر المغربي ت 1965 يدعو للإصلاح الديني كوظيفة من وظائف علماء الدين الذين لم تلههم مناصب الجاه ولم تشغلهم امور دنياهم عن النظر في الاصلاح. ويقول بإجتهاد العلماء مجتمعين لا منفردين مستندين على الأصول لا على أراء السابقين. 

- شكيب ارسلان ت 1946: رجل المسائل السياسية - المسألة الشرقية والمسألة الاسلامية والمسألة العربية. كان من أنصار الدولة العثمانية  ولكن بعد سقوطها بدا له ان الانحطاط سببه علل اخلاقية وأن المسلمين فقدوا الأسباب وتغيروا. 

- عبد الحميد بن باديس  ت1940: صلاح التعليم أساس الإصلاح. ويميز بين الإسلام الذاتي والإسلام الوراثي. والطريق للاسلام الذاتي هو التعليم وهو ما يعول عليه.

- محمد ابن الخوجة الجزائري ت1917:  ركز على تعليم النساء وان الجهل يهوي بهن في مهاو مخيفة ومفاسد كثيرة واعتقادات فاسدة ولكن لولا جهل الرجال لما وصلت النساء لهذه الدرجة من الجهل والضلال.
- قاسم امين ت1908: بدأ بأفكار ابن الخوجة وراعى الأصول الدينية في كتاب "تحريرالمرأة" ثم اصبح راديكاليا وكتب "المرأة الجديدة" والذي يعكس وقوع "انتقامي من الشيوخ التقليديين" في احضان الليبرالية الغربية البورجوازية واستخدم الفاظ كضرورة تمزيق الحجاب ومحو اثاره او سلب حرية النساء وغيرها  ليبرالية قاسم امين المسرفة تدخل المرأة المسلمة في متاهة يصعب التعرف على نهايتها.

- ملك حفني ناصف ت 1918 - "باحثة البادية" اتخذت موقفا وسطيا بين التقليد والتغريب فيما يخص الحجاب والاختلاط ونقد بناء للزواج واسقطت دعوة الربط بين الحجاب والسفور وبين التقدم والانحطاط لدى الأمة بدلائل من الغرب والشرق والتاريخ والحاضر. من مشهور قولها "قومو اخلاقكم واصلحوا انفسكم فإن فسادكم أدعى الأسباب الى تحجبنا".
- نظيرة زين الدين: ربطت الفكر بالثياب وادعت أن أول درجة من سلم الرقي هو السفور.
- الطاهر الحداد - تونس 1935: الأحكام يجب ان تتغير مع الزمان (حتى الأحكام الصريحة) تغيير الارث والزنا وحظر تعدد الزوجات ومثلت اراءه في رأي المحافظين إبطالا لأحكام القرأن القطعية.

- محمد بن علي السنوسي ت 1860 السنوسية  هي حركة إحياء من الطريق الاجتماعي - الاقتصادي يتجسد في الوحدات الجماعية التي تسمى الزوايا. ولها قيمين يديروا شؤونها ويحكموا بين الناس. ولها نشاط مشترك بعمل فيه الفرد للمجموع ويتكفل المجموع بحاجات الفرد. 
- رفيق العظم: أفكاره تربط الإصلاح الإسلامي ب  "التكافل العام" ويعني هذا بحسب رشيد رضا "معرفة مجموع الأمة بحقوقها ومصالحها المشتركة معرفة صحيحة تحملهم على الاتفاق على حفظها وصيانتها بحيث ينفعل المجموع لعبث عابث او ظلم ظالم ويهب للذود عنها وحفظ كيانها". 
- الأفغاني والكواكبي ومحمد رشيد رضا تبينوا في الفيء والزكاة والصدقات وتحريم الربا اطارا عاما لاشتراكية اسلامية اعتقدوا انها هي الاشتراكية الحقيقية.
- شكيب ارسلان: الزكاة الشرعية هي اكبر اساس اشتراكي اسلامي. ولو أدوها لما بقي فقير. 
- معظم المفكرين لم يكونوا اقتصاديين بالمعنى المحدد لذلك لم يتم التوسع في القضايا الاقتصادية بصورة منظمة.

- عبد القادر عودة: المال لله وللبشر حق الانتقاع به ويترتب على ذلك 1- لاتملك نهائي 2- أهل الحكم والشورى هم من ينظم طريقة الانتفاع ... الخ. 

- سيد قطب: أبرز من عني حديثا بالمشكلة الاجتماعية الاقتصادية وربطها بالتصور الاسلامي العام. الأصل في الوجود الاجتماعي هو التعاون والتكامل بين الجميع. أسس العدالة ترتد لثلاثة:  -التحرر الوجداني المطلق - المساواة الانسانية الكاملة -  التكافل الاجتماعي. من أقواله: "من الترف الحرام ان يكلف مسجد مئات الألاف او تكسى الكعبة بالمخمل الموشى بالذهب بينما الناس تعيش في بيوت الصفيح والبوص”. 

- مصطفى السباعي: نفس افكار عودة وقطب الا انه تميز بجرأته على اطلاق اسم "اشتراكية الاسلام" على العدالة الاجتماعية واطلق كتابا اثار عنوانه ضجة وجدل.
- من ناحية ثانية حرص بعض الشيوعيين على ربط الاسلام بالمذهب الرأسمالي وأسرفوا في تضخيم الملكية الفردية ومن ناحية ثالثة حرص بعض "المتاجرين بالدين" ممن لهم مصالح معينة على ان يربطوا الاسلام بالنظام الحر ويشددوا على العداء للاشتراكية. 
- الخلاصة ان المفكرين المذكورين سابقا اتفقوا على فكرة "انتفاع المستخلف بالمال" لا تملكه حقيقة واطلاقا فالمالك الأصلي هو الله والمالك الحقيقي هو المجتمع لا الفرد. والملكية الفردية قد عريت لديهم من طابع "القداسة" الذي اسقطه عليها فقهاء "الرأسمالية الغربية".
                                       ***
*الخاتمة الاسلام والمستقبل*
- تلك هي منجزات مفكري الاسلام المحدثين وذلك هو اسهامهم في الجهود الفكرية من اجل خط الاسس ورفع دعائم البناء لعالم متقدم. وهي نماذج متعددة  لذلك لا يمكن الحكم عليها حكما عاما شاملا. والحلول المطروحة ارتبطت بالظروف السياسية والاجتماعية والثقافية التي نجمت فيها.
- على المستوى الاجتماعي: الدين اصبح ذا وظيفة اجتماعية صريحة اتخذت احيانا شكل الوظيفة السياسية الخالصة.
- على مستوى السياسي نلاحظ ان التطور السياسي انتهى بمفكرين للاعتقاد ان العالم العربي لا يستطيع التقدم الا ان تكون الدولة للاسلام واتخذت هذه الرغبة عند بعض الاحزاب الدينية السياسية صورة راديكالية جدا بحيث اصبحت الهدف المباشر الأول. 
- اما المبادئ القيمية مثل الأصالة والانسانية والمثالية فقد بلغت درجة عالية من السمو في الأزمنة الحديثة. ربما الشعور بالخطر الذي بدا ان الغرب يتعرض له والقادم للشرق هو الذي دفع المفكرين لتقرير هذه المبادئ كألية من اليات الدفاع عن الوجود. 
- أما تحديات العالم الحالي فهي : 1-تعدد الطفرات والتسارع والتغير في كل القطاعات 2- تراجع المبادئ التنويرية التي عززت النزعة الانسانية وسيادة المصالح واللذات الذاتية. 3- عجز المثالية عن التعامل مع الواقع المحكوم بقوى المادة.
- بالنسبة للإنسان من وجهة النظر الدينية فقد 1- تخلى عن نشدان الخير العام والتفت لدائرة وجوده الخاصة 2- لم يعد من الممكن الاحتكام للوازع الباطني لإقامة الحق والعدل. 
- بادي الرأي عند الدكتور فهمي جدعان هو الاجتهاد في تصور "عقلية مستقبلية" لتوجيه علاقة الاسلام والمسلمين بالمستقبل وهذا مما تدعو اليه الضرورة بشكل حتمي. 
- القصد بالعقلية المستقبلية الاسلامية هو مجمل طرائق النظر والفعل والسلوك التي يجدر توافرها عند الانسان المسلم سواء الان او في الزمن القابل ،الذي نستطيع بوسائلنا الطبيعية استشرافه ، وهذا يعني ان تكون هذه العقلية مطالبة بتحقيق شروط خاصة تناسب المستقبل ومعطياته وتندمج في الشروط المتجددة في الزمان الاتي. 
- الحاضر الحالي هو إما اتجاه سلفي اتباعي ساخط على اغلال الازمنة الحديثة وضلالها والتعلق المطلق بالسلف والتراث وهو يبدوا احاديا متماسكا لكنه مهدد بالاغتراب. أو اتجاه النهضة الذي هو في حالة ثنائية بين التراث والتجديد الاتباعية المطلقة او الابتداعية المطلقة من طرف ثان. 
وفي ما بين الجميع هناك اخلاق الحرج التي توجه الانظار نحو الهاوية والفساد والاثم وهناك اخلاق الرحمة حيث تسع مغفرة الله وعفوه كل شيء وهناك عقلية استعلاء ايماني دعي وهناك عقلية استخذاء التي تقبل وتسوغ وتتسامح في كل شيء. وهناك الانسان المكبل بالقدر والحتمية والأخر الواثق من فاعليته المحرر من تلك القيود ولو بقدر. 
إننا امام حالة تشبه الفصام والمطلوب هو اعادة الوحدة والتماسك. 

- هواجس المستقبل ترتد للأمور التالية: 
1- التخلف (عقدي، اخلاقي، اقتصادي، اجتماعي، سياسي) وتختلف تعليلات المسلمين في سبب لهذا التخلف هل يعود لسقوط العثمانيين - سقوط بغداد - العباسي الثاني أو الأول الأول - الدولة الأموية - أم التحول لملك؟ لن نجد الجواب الشافي لكن الأهم هو وعي الظاهرة وادراكها ومحاولة تخطيها وتجاوزها. وهذا ما يحصل من زمن ابن خلدون.
2- التراث: التراث هو كل ما ورثناه تاريخيا عن الاصول والماضي وهو هاجس رئيسي لأنه مشرع الابواب على ماض مقدس وملتحم بحاضر متخلف (الوحي ليس من التراث) ويجب فصل الدين والعقيدة عن التراث فلا يضعوا التراث في مرتبة العقيدة. (علم الكلام - الفقه - التفسير - اصول الفلسفة - العلوم - التصوف) هي منجزات. أما العقيدة فأصلها القرأن وما صح من الأحاديث وهي ليست منجزات بشرية بل معطيات الهية. 
3- الاغتراب: هو حالة تكف فيها الذات عن العيش في شروطها الثقافية الموضوعية المباشرة. السلفيين مغتربين والعلمانيين والليبراليين المنعتقين من التراث واشتكو من تخلف الجماهير مغتربين أيضا إضافة للشيوعيين الذين قالوا ان الماركسية هي بديل مطلق للاسلام. هكذا اخفق الجميع وأصبح لدينا بانوراما فيسيفسائية لحالات اغتراب فاجعة. المستقبل لن يتقبل عقلا مغتربا (مثلما فعل الماضي والحاضر).
4 – العلم.
5 - العمل: المفارقة التي يعيش بها المسلمون: الايمان بقيم غير محولة لممارسة.
6 - التغير: دخل العالم المتقدم في "عصر الزوال"  والعوالم الأخرى في موج كالجبال.  الملائم هو النظر في مبدأ (تغير الأحكام بتغير الأزمان) ومبدأ (المصالح المرسلة).

- استراتيجيات التحول للمستقبل:  1- كبديل "للتخلف" يجب الرضا بمفهوم التقدم ك "تغير نحو الأصلح" ولا نسلم للطرطوشي ب "ذهب صفو الزمان وبقي كدره" بل نقر في عقولنا انه للبقاء ووراثة الأرض يجب ان نسلم بالتقدم وواقعيته. 2- التعود على "تاريخية" "التراث" كإنجاز انساني. 3- "التجذر" لمكافحة "الاغتراب" ويعني التمسك بالذات الممتدة في التاريخ والنمو باتجاه المستقبل  ايضا. 4- بالنسبة للعلم يجب التسليم بقطاعين: قطاع الوجود الشاهد (الانسان والطبيعة) وقطاع الوجود الغائب (الله والأخرويات) والاسلام دين العقل في حدود مملكة العقل ودين العلم في الحدود التي يقرها العلم نفسه. وليس من شأننا ان نجري خلف محاولات التوفيق بين قضايا العلم ومضامين الوحي. 5- العمل: التنمية المناسبة لكل قطر وأن يألف "العقل" السياسي الاختلاف والواقعية. ومن حق المسلمين على دولهم أن يحكمو وفقا للمبادئ الجوهرية التي اقرها الاسلام (حرية - كرامة - عدالة) ومن واجب الحكومات الأخذ بيد رعيتها من التفرد للمشاركة ومن مثال العبد الى مثال المواطن. 6- التكيف مقابل التغيير وصدمات المستقبل. (المصالح المرسلة) وقاعدة (تغيرالاحكام بتغير الأزمان). 

شروط تحقق التحول للمستقبل: 1- الوعي المعرفي الذي يشكله عند الناس رجال الفكر والعلم والثقافة والإبداع والفكر الديني السديد 2- التخطيط يصممه واضعو السياسات الثقافية والتنموية.3- التطورالمحتوم وتعديل البنية العقلية والسلوكية وفقا لسنة بينة اوعوامل كامنة  أومبادرات تهيئ العقول لكل جديد مع مراعات خصوصية كل بلد (ثقافية، قومية، سياسية الخ). 
*المستقبل منوط بنحو حاسم بقصودنا وارادتنا وفعلنا وما نتمثله بوعينا وما نمضيه بحريتنا من استراتيجيات البقاء والمستقبل*
*****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق