الخميس، 3 يناير 2019

الأزمة الدستورية - خلاصة كتاب

كتاب الأزمة الدستورية في الحضارة الإسلامية هو دراسة تفصل ما حدث من تناقضات بين القيم الإسلامية وبين الواقع التاريخي الإمبراطوري الذي عاشه المسلمون سياسيا وأدى لكثير من التبعات والسلبيات التي لا زالوا يعانون نتائجها حتى اليوم. هذه المفارقة نتج عنها صراع على الشرعية وتوتر دائم بين النصوص وأعباء الواقع المختلف عن تلك النصوص وأنتجت أيضا تشاؤم مضمر عبر القرون وتأثير سلبي على الوعي بالذات والعلاقة بالغير. باختصار هي دراسة عن أزمة حضارة كاملة.

يبدأ الكتاب بسرد بعض التعريفات والأفكار ويفرق بين "التأمر في الأمير" وهو تحكم الشعب في حكامهم واختيارهم ومشاركتهم ومحاسبتهم وعزلهم وهذا ما يفترض أن يكون الوضع الطبيعي وبين "التأمر عن غير إمرة" وهو الوضع الغير طبيعي وينبغي أن يكون استثنائيا في حالات طارئة فقط. لكن الذي حصل منذ 1400 عام واستمر في الحصول هو أن بعض الفقهاء ولأسباب كانت مبررة ثم فقدت تبريرها ضحوا بشرعية "التأمر في الأمير" في سبيل الحفاظ على وحدة الأمة ثم تبعهم علماء تورطوا في تشريع الاستبداد والقهر ومنحوا السلطة غير الشرعية حقوق شرعية من طاعة ونصح ونصرة بسبب ارتفاع الخوف من فقد الوحدة وتحوله لهاجس. بعد استمرار هذه الهواجس والتضحيات بالشرعية السياسية في سبيل المصلحة (التي تمت في البداية بحسن نية) لمئات السنين كانت النتيجة أن ضاع المبدأ والمصلحة وخسر الجميع الشرعية والوحدة وتطورت لدى الشعوب القابلية للاستعمار كما يقول بن نبي أوحصل الموت الطبيعي كما ذكر هيغل " الشعب لا يمكن أن يموت ميتة عنيفة إلا عندما يموت في ذاته ميتة طبيعية ". ينتقل الكاتب لقيم البناء السياسي كالعدل الذي يتفرع منه الحرية والمساواة وذكر الشورى (الديمقراطية) كأم القيم السياسية والطاعة المشروطة بالأمانة والعدل ثم شرح مبادئ الأداء السياسي. وقارن بين توماس هوبز وروسو في تحليلات النفس البشرية ثم تطرق للهرمية الفرعونية ( ديكتاتور– بطانة سياسية - المال والتجار – جنود الديكتاتور – مرتزقة إعلام) وكيف أن مبادئ الإسلام ترفض هذه الهرمية وتعتبر أصلا أن الأمير أو الرئيس هو أجير الشعب لكن عبر القرون فرض الملوك أنفسهم فوق القانون.

كما يؤكد ويدلل على المساواة السياسية بغض النظر عن الدين والجنس والعرق في الدولة العقارية ويذكر أن الفترة الإمبراطورية والتأثر الكبير بالثقافة الفارسية والملكيات المجاورة خاصة الساسانية (عهد أردشير تم اتخاذه كدليل عملي للسياسة كما ذكرت دراسة لليونسكو ودلائل من كتابات تلك الفترة) كل هذا خلق تفرقة وعدم مساواة ودخلت قيم قهرية كسروية ووثنية سياسية مما ليس له أصل في المبادئ والقيم الإسلامية الأساسية.

من النقاط المميزة ذكر أن الطغيان السياسي يضغط على البناء الاجتماعي حتى يتصدع وينهار عبر الزمن ويفقد روحه الدافعة. وأن الاستبداد السياسي يخرج من عباءة الفوضى الاجتماعية وتخرج الفوضى الاجتماعية من عباءة الاستبداد السياسي.

الخاتمة تشرح عن الثورات التي حصلت خلال الثلاث قرون السابقة (إنجليزية – فرنسية – أمريكية) وأوجه الشبه بينها وبين الربيع العربي ورأي مفكرين مثل فوكوياما، مايكل ريتشارد وكرين برينتون والسنهوري والكواكبي وبن نبي وكيف أن الخروج من هذه الأزمة يكون بالثورة على الاستبداد ورفض كل ما ثبتته تلك الامبراطوريات من قيم فاسدة وقد بدأ هذا بالربيع العربي الذي جوهره هو طموح الإرادة الإنسانية للعدل والحرية. يلي ذلك تحليل أراء المزيد من المفكرين والكلام عن الدساتير الحديثة ومرجعياتها التي هي نتيجة مطالب شعبية والتأكيد على أن حكم الشعب الديمقراطي الصالح نتيجته العدل وأي طريق استخرج بها العدل فهي من الدين وليست مخالفة له. أما بالنسبة للخروج من الأزمة فيتلخص بالخروج من فقه الضرورات وهواجس الخوف من الفتنة إلى المبدأ والثورة وتحويل القيم الأصلية لمؤسسات وإجراءات دستورية معاصرة ولا عودة للاستبداد فعبرة التاريخ تدل أن الاستبداد ليس أخف الضررين بل هو أصل الفتنة وجذرها وسببها وهو حرب أهلية مؤجلة فالواجب هو نفي اليأس وتعزيز الأمل والإيجابية والعمل المستمر.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق