الاثنين، 3 أبريل 2017

رسالة - قصة قصيرة


- نظر رحال إلى صاحبه بكل ثقة وهو يقول له أتتحداني في الحصول على 1000 حسنة بضغطة زر؟ 
- قال له صاحبه متسائلا وكيف ذلك؟ 
- أخرج رحال جهاز الموبيل وأظهر له رسالة مليئة بالمواعظ والحكم والوصايا تستغرق مدة قراءتها دقيقتين الى ثلاث دقائق - حسب سرعة القارئ- وابتسم وهو يرسلها لمجموعة تحوي ما يزيد عن المائتي شخص بضغطة بسيطة كما أدعى وهو يقول
- سأحصل على هذه الحسنات والثواب رغم أنفهم جميعا سواء أرادوا أم لم يريدوا ذلك وأطلق ضحكة مجلجلة قطعها بقوله يوميا أرسل على الأقل 20 رسالة وأحصل على عشرات الألاف من الحسنات ولله الحمد ثم تابع ضحكته ...
- تفكر صاحبة قليلا وقال ربما قد تحصل على بعض الحسنات ولكن يحتاج الأمر بعض النظر والتفكر فما تحصل عليه بالغصب أو الحياء ليس كله حلالاَ وأنت قد شتت انتباه كل هؤلاء الناس وأضعت 10 ساعات من وقتهم تقريبا - وهذا على افتراض انهم كلهم قد قرؤوا الرسالة على كل حال إنما الأعمال بالنيات ولكن يجب التنبه لعدم تضارب نيتك الحسنة مع ما هو صحيح وما هو مفيد فعليا للناس.
و هناك نقطة ثانية أخي وهي أن أوقات الناس متفاوتتة فما هو وقت روحانية وصلاة وسكينة بالنسبة لك قد يكون وقت عمل أو دراسة لغيرك ولكل مقام مقال ولا أقول ذلك الا لنتفكر معا في وسائل التواصل الحديثة علينا ونحذر في استخدامها ونسعى للاستخدام الأمثل.  

-----------------------------

في ذلك الوقت وخلال حوار رحال وصاحبه كان هناك طابور من المراجعين في مكتب خاص بشركة ضخمة وكان يوجد تأخير واضح  وقد قارب وقت استراحة الغداء وكان جميل -الذي وصل لأول الواقفين - بعد انتظار ربع ساعة يأمل أن يتم انهاء معاملته السريعة التي تحتاج لتوقيع ورقم رسمي  فقط قبل أن يذهب الموظف المسؤول ليستطيع القيادة الى الطرف الأخر من المدينة لإيصال عينات طبية تحتاج وقتا محددا لنقلها وإلا فسدت وسببت إشكالات للكثير من المرضى والأطباء لذلك كان ينقل بصره بشكل عصبي بين الساعة والموظف الجالس أمامه خلف "الكاونتر" ويظهر أنه يعمل بجد ونشاط. 
و على الجهة المقابلة كان ذلك الموظف أيضا ينظر لساعته وقد داهمه الملل والجوع وقد سمع رنة التنبيه الخافتة من الموبايل والساعة قد قاربت موعد الغداء فقال لنفسه لا بأس كلها دقائق سأنظر للرسالة ثم أسلم الموظف المناوب وهو سيقوم بمساعدة الشخص التالي لن يضيع عليه سوى 10 دقائق اضافية وقام بفتح الرسالة وقراءتها على عجل بدون تفكر فعلي في المواعظ التي بها كونه على عجلة وجوع وهذا ليس وقت تذكرة وروحانيات له حاليا ولكنه تابع قرائتها بكل الأحوال ثم وضع الجوال في جيبه ونهض واقفا مخاطباَ الشخص الذي أمامه أسف عزيزي سيساعدك الموظف الذي بعدي وهو قادم خلال دقائق وأنا مضطر للذهاب الأن ... قاطعه جميل ولكن يا سيدي هذه المعاملة تحتاج توقيع ورقم فقط ولن تأخذ سوى ثلاثة دقائق من وقتك وأنا على عجلة شديدة فهل يمكن عملها قبل مغادرتك.
- أسف لا استطيع ذلك فقد بدأ وقت استراحتي الأن ووقتي محسوب ويجب أن أذهب وأعود خلال وقت محدد وكلها دقائق وسيأتي الموظف الذي بعدي فلا تقلق ثم غادر متعجلاً. 

-----------------------------
خرج جميل بعد ربع ساعة إضافية ومشاعره متفاوتة بين الغضب والحزن والحنق والاستعجال فقد رفض ذلك الموظف اتمام معاملته وانتظر عدة دقائق لوصول الموظف المناوب الذي بدوره اخذ بضع دقائق للتجهيز قبل ان ينجز له معاملته وهذا كله ساهم في تأخيره بشكل اكبر فركب عربته وبدأ بزيادة السرعة كلما حانت له الفرصة لذلك لمحاولة الوصول بأقصر وقت ممكن وقد تجاوز السرعة المحددة في عدة منحنيات ولكنه لم ينتبه لذلك الا عندما ظهر أمامه تلك العربة التي عليها شعار مدرسة خاصة وتقل عددا من الطلاب لكنه لم يتمكن من التوقف في الوقت المناسب بسبب سرعته العالية وحصل الاصطدام المؤسف الذي شاهده كما شاهد حاوية العينات الطبية  تتطاير في الهواء قبل ان يفقد الوعي بأجزاء من الثانية...

-----------------------------

توقف رحال عن الحوار مع صاحبه عندما رن هاتفه وضغط زر الإجابة مستفسرا عن المتصل.....
سيد رحال للأسف الشديد حصل حادث لعربة النقل المدرسية وتم نقل جميع الطلاب - بمن فيهم ابنتك - لمستشفى الأمل. 
الرجاء الذهاب للمستشفى للحصول على مزيد من المعلومات ومعرفة الحالة الصحية لإبنتكم... 



3/4/2017
محمود الجسري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق