الاثنين، 28 نوفمبر 2022

الشاورما والعراضة وغزو الغرب. (مقال ساخر)


تنبيه وتنويه: المقال التالي هو مقال ساخر. يمكن مراجعة بعض مقالات مارك توين لبناء استيعاب لنصوص مشابهة. لست ضد الشاورما إنما أرصد بعض المواقف والتحولات التي تحصل في هذه الفترة ولامانع عندي أن تدعوني على شاورما إذا أعجبك المقال.

-------------------------------

في هذه الأوقات المفصلية من التاريخ حيث استحكمت العولمة وانتشرت التقنية التي قلصت العالم وعمت الحداثة وما بعدها وتسارع الاستهلاك وكل شيء وغيرت كل هذه العوامل الكثيرمن الأمورعلى جميع المستويات السياسية والاجتماعية. خلال كل ذلك حصل تسلل من الشرق لغزو الغرب ثقافيا وحضاريا وحتى على أصعدة أخرى ربما نذكر بعضها لاحقا.
هذا التسلل لم يبقى سرا ويمكن مشاهدته الأن عبر المئات بل الألاف من مطاعم الشاورما المنتشرة حول العالم وفي عواصم غربية ضخمة وحتى المدن والقرى الصغيرة شمالا وجنوبا. 

لقد قاوم الغرب الكثير من حملات التوسع الامبراطوري الأموي ثم العباسي ثم العثماني وحاول غزو الشرق والسيطرة عليه عبر الحملات الصليبية ثم الاحتلال والاستعمار وغيره من صراعات الملوك والأمبراطوريات لنهب ثروات وفرض ثقافات وافكار معينة. ولا يمكن انكار أن تفوق القوة المادية وليس الروحية في هذا الوقت هو للغرب وقد فشلت حركات وجماعات كثيرة في التسلل لهذه القوة ولكن في فترة قريبة من التاريخ الحديث نجح بعض معلمي الشاورما في كسر هذا السد المنيع واحداث ثقب فيه والدخول بسيخ من الخاصرة لاحقا طريق شهوة البطن للتأثيرعلى الحضارة الغربية برمتها وربما إضعافها حتى درجة التخمة والانهيار.

وبصفتى مواطن غربي من أصل عربي أعلن قلقي الشديد الذي يتجاوز قلق "بان كي مون" الأمين العام الثامن للأمم المتحدة المشهور من هذا الانتشار والتأثيرخاصة بعد مشاهداتي السابقة لما فعلته شهوة البطن متمثلة بالشاورما ومراكزها في الشرق ولكن ما باليد حيلة وإني أعلم أنها مسيرة التاريخ التي لا بد منها وأن من مات فات، وكل ما هو آت آت وأن محلات الشاورما باقية وتتمدد ولامفر ولا مهرب من القدر.
ولكني استغل هذا الموقف لاحتقار كل الطغاة والمستبدين العرب - خاصة ورثة الجمهوريات - الذين ساهموا في التدمير والتهجير والظلم والأذى الذي بالتالي سيعيد تدوير العنف مع دوران الأيام والدول ولكن من مفارقات الموضوع أيضا أنه ربما يجب أن اشكرهم للمساهمة غير المباشرة في غزوات الشاورما وهذا التأثير غير المسبوق على الثقافة والبطون الغربية وعلى دفع المظلومين لمشاهدة عالم جديد ربما يتعلمون منه ثقافة صد الاستبداد ودفعه. 

أيها السيدات والسادة أعلن لكم ومن خلال مراقباتي المتواضعة أن غزوات الشاورما في الغرب قد وصلت للكتلة الحرجة التي لا يمكن التراجع عنها ولا يمكن قهرها أو كبتها وهي بالفعل قد اصبحت جزءاً من النسيج والثقافة الغربية وحتى دعاياتها وتسويقها انتشر في كافة المحطات ويبث خلال اوقات حساسة مثل مباريات كأس العالم وغيره وأن الموضوع أصبح موضوع وقت فقط للانتقال لمراحل اخرى من ازدياد الوزن والانصياع التام لشهوات البطون التي تتبعها شهوات غيرها ،قد وقعوا مسبقا ضحايا لأغلبها، ثم بالتالي سيلحقون بمن سبقهم من شعوب الشرق الذين أمضى الكثير منهم أيامه تابعا للشهوات والأهواء وبين المشاوي والمحاشي وما ورائها حتى سيطر الطغاة والمستبدين مستغلين التهاء الشعوب وانشغالها عن حقوقها وواجباتها. ومن المشهور أنه عندما يصبح بطن المرء أكثر همه وشهوته هي الغالبة عليه فهو إنسان ضعيف يمكن التأثير والسيطرة عليه ويلعب الطغاة على وتر شؤون المعيشة والترفيه واشغال الشعوب المغلوبة في ما يطلق عليه ثنائية "الخبز والألعاب" التي تمثل نمط حياة الرومان في فترة الانحطاط قبيل الانهيار الذي حصل لهم. 

وقد ذكر ابن ابي الدنيا في كتابه الجوع أن أعظم المهلكات لابن ادم شهوة البطن. فيها اخرج ادم وحواء من دار القرار الى دار الذل والافتقار إذ نهيا عن الشجرة فغلبتهما شهواتهما حتى أكلا منها فبدت لهما سؤاتهما. والبطن على التحقيق ينبوع الشهوات ومنبت الأدواء والأفات إذ يتبعها شهوة الفرج ثم تتبع شهوة الطعام والنكاح شدة الرغبة في الجاه والمال اللذين هما وسيلة الى التوسع في النكاح والطعام ويتبع استكثار المال والجاه أنواع الرعونات وضروب المنافسات والمحاسدات ثم يتولد بينهما أفة الرياء وغائلة التفاخر والتكاثر والكبرياء ثم يتداعي ذلك الى الحقد والحسد والعداوة والبغضاء ثم يفضي ذلك بصاحبه الى اقتحام البغي والمنكر والفحشاء وكل ذلك ثمرة اهمال المعدة وما يتولد منها من بطر الشبع والامتلاء.

ومن غرائب ما شاهدت على غلبة شهوة البطن فوق قيم ومبادئ بعض الاشخاص دخولهم مطاعم (شاورما وغيرها) مشهورة بولاء اصحابها للطغاة والمستبدين أو شراؤهم من محلات ومصادر تعمل لصالح أوتمول هؤلاء الطغمة الأوغاد الظالمين.

عودة لموضوع الشاورما وغزو الغرب فقد بدأت ملاحظاتي لهذا الموضوع في مدينة ميسيساغا منذ عدة سنوات وقلت لنفسي ربما أن هذا محلي فقط ولكني اكتشفت لاحقا أن هذه الظاهرة انتشرت انتشار النار في الهشيم في عواصم ومدن وحتى قرى كثيرة حول العالم وان هذا الانتشار سيسبق سلاسل مطاعم العالمية الشهيرة - إن لم يكن سبق بعضها بالفعل - وبفضل معلمية "المعلمين" ورائحة الشواء وتقاطر الدهون وحركة السواطيرصعودا وهبوطا  فهذا الانتشار غير مركزي ولا يمكن السيطرة عليه ولا كبح جماحه فقد وصل سيخ الشاورما لوسط لندن وأصبح اقتلاعه اصعب من اقتلاع سيف الملك ارثرالعالق في الصخرة وانتقل هذا السيخ الى نيويورك وتورنتو وشيكاغو وانتشرت فيديوهات عراضات الافتتاح من كل مكان على كل مواقع السوشيال بداية من يوتيوب والفيس بوك ونهاية بمواقع الجرائد المحلية وحتى تم توثيق ذلك في الروايات والقصص منها ما ذكره الدكتور أحمد خيري العمري في روايته الشهيرة "بيت خالتي" نقلا على لسان بطل الرواية انه سينتظر قريبه في شارع كارل ماركس في مدينة درسدن حيث هناك افضل محل شاورما وأبدى دهشته من اجتماع كارل ماركس مع الشاورما في جملة واحدة ولكنه ربما سيدهش أكثر عندما يبحث في تطورموضوع تغلغل الشاورما المقلق حول العالم.

على صعيد أخر وفي رمزية لرجولة الشرق وانها غزوات ثقافية أصبح من "الموضة" والمعتاد بل ومما يجب فعله عند الافتتاح إحضار فرقة "عراضة" باللباس الرسمي الذي ينافس لباس الحرس الملكي البريطاني و اجراء مبارزات بالسيف والترس واطلاق الاهازيج وعبارات الفخر والأشعار التي توثق هذا النصر الكبير ونجاح غزوة ذلك المعلم الذي يوزع لفافات الشاورما الساخنة على الجميع ضاحكا فخورا ببناء وانشاء هذا الثغر والمركز الذي سيكون نقطة انطلاق وتوسع مستقبلي بعد تحويل عدد من العمال الصغار إلى معلمين مخضرمين  ومن الطريف أيضا ان بعض أهازيج هذه المبارزات والعراضات (التي سأرفق بعض الروابط لها اخر المقال) تقال بلغة البلد الذي حصل فيه هذا الفتح العظيم (فتح المحل). 




في الختام وبين الجد والهزل أقول أن تحول الشاورما في الحقيقة هو تحول عالمي شامل موافق للاستهلاك والسرعة والجري المحموم وغيرها من أمور الإنسان المنغمس في الدنيا حتى النخاع وفي اخر فيديو "عراضة" شاهدته كان مطعم الشاورما مجاورا لمحل يبيع الحشيش المخدر فأرسلت لصديقي مازحا "هذا رابط يحوي عراضة احدث محل شاورما وبجانبه محل حشيش في رمزية غير مقصودة للتحول العالمي الإنساني الحاصل". 

-------------------------

دعاية شاورما على بعض القنوات الكندية خلال مباريات كرة القدم: 


عراضة محل شاورمة باللغة الهولندية: 








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق