السبت، 22 فبراير 2020

خلاصة كتاب أسس التقدم عند مفكري الاسلام ل د. فهمي جدعان

أسس التقدم عند مفكري الإسلام في العالم العربي الحديث للدكتور فهمي جدعان هو مرجع لنظريات وأراء المفكرين في الشأن العربي والإسلامي في الأزمنة الحديثة.
يبدأ الكتاب بسرد المراحل الثقافية – الاجتماعية كما نظر لها ابن خلدون وهي  1- تنوير ديني وبناء حضارة 2- توقف حضاري وتوازن 3- اختلال التوازن والانحطاط 4- اليقظة والنهوض. 
 يعرف الكاتب التقدم على أنه فكرة تعبر عن مفهوم اجتماعي - تاريخي - معياري أخلاقي  (نسبي) وهو مرتبط بالتطور والتغير (هو تغير مرتبط بقيمة) وهو اقدم من الثورة العلمية الصناعية والفلسفة الداروينية.  وعبر العرب سابقا عن التقدم بكلمات مثل الترقي والتمدن أوالتحسين والفوز والصلاح. وينبه الكاتب أننا غارقون في مفهوم علمي - تكنولوجي خالص للتقدم بمعنى أن التقدم العلمي مرادف للتقدم الإنساني وليس بالضرورة الربط بين الإثنين.

 في الفصل الأول "ميتافيزيقا التقدم" يذكر الكاتب اختلاف الأراء القديمة في تقييم العصر ونظرتها السلبية أو الإيجابية للمستقبل والعلوم مع ملاحظة الكاتب للفلاسفة المقربين من الحكام (الكندي - ابن سينا - الغزالي - ابن رشد)  مقابل غيرهم مثل (السجستاني - التوحيدي – الفارابي) كما يذكر أن التقدم أنواع (ثقافي - كوني - روحي ...) والذين حملوا في نفوسهم الأمل بالتقدم كانوا نخبة شبه معزولة اجتماعيا.
 في ما يلي أبرز المفكرين وأفكارهم بهذا الخصوص : 
- الجاحظ  ينعت عصره بالكفر الذي اتى بعد التوحيد ثم الفجوروللتغيير يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 
- الطرطوشي يقول "ذهب صفو الزمان وبقي كدره فالموت تحفة كل مسلم". 
- الغزالي اعتقد بالفساد والتدهور ثم التجديد في دورة مئوية. 
- ابو يوسف يعقوب بن اسحق الكندي دافع عن الفلسفة وتعلمها. 
- الفارابي وابن رشد قررا ان كل شيء في الفلسفة قد قيل في عصرأفلاطون وأرسطو. وهذا حد من الابداع الفلسفي الخالص عندهما.
- السجستاني: صيرورة الكون وتحوله يتم في كل ساعة وهو في تطور مستمر نحو الخير والكمال والمستقبل أفضل.
- ابن سينا ادرك ان الهداية ليست محصورة بمن سبق فقط والحقيقة لم تستنفذ وفي الوسع البحث الدائم عنها. 
***
في الفصل الثاني "الحقيقة والتاريخ" ينتقل الكاتب لسرد الأراء التالية: 
- الماوردي  كان لديه نظرة توازن بين الدين والدنيا لأن الإنسان بحاجة للتحكم في دنياه للتزود منها لأخرته والتي كانت مخالفة لفكرة  "الخلاص شخصي" عند الغزالي فالعاقل هو الذي لايشتغل بدنياه إلا لاستعداده لمعاده وهي تمضي كالظل. أما مقاصد التكليف عند الماوردي فتنصب على النفع للإنسان وبالنسبة للعلاقة بين الفرد والدنيا فهي جدلية طردية.   
- الطرطوشي أيضا جرى على نفس شعورالغزالي  بمقت الدنيا والعدول عنها لشؤون الأخرة. 
- ابن خلدون انتبه لمرور مراحل النهوض والانحطاط  ولاحظ أنه قد اذن للعمران الذي سبق بالانقراض لحتمية ذلك في نظره وتحول فكره للواقعية و لمنطق العقل الصارم. يرد جدعان على الجابري في ادعاءه ان ابن خلدون كان لا يهدف للتعرف على قوانين الاجتماع ويؤكد أنه كان يريد الكشف عن القوانين التي تتحكم في الصيرورة - التاريخ. 
- البرت حوراني قال أنه يمكن تغيير حتمية ذلك الزوال بتبديل عصبية ابن خلدون لشريعة دينية ويذكر الكاتب أن هذا ممكن قبل التحول للملك. 
- نظرية العوائد عند ابن خلدون تتكلم عن تغير طبيعة الناس وعوائدهم ومزاجهم -نفسياتهم وسيكولوجيتهم - فما يألفه الانسان يسود على طبعه ويصبح خلقا وملكة وعادة تنزل منزل الطبيعة والجبلة.
- يذكر الكاتب أن أحد أسباب الانحراف وعدم لحاق الثورة الصناعية في فترة تطور المجتمع العربي الاسلامي الكلاسيكي هو تحقير الحرف اليدوية والعملية هابطة بأصحابها لمراتب دنيا. 
 ***
الفصل الثالث الدخول في الأزمنة الحديثة:
- لاحظ ابن خلدون 1400م أن دولة العرب وأيامهم قد درست وانتهت.
- انتقل الحكم  للأتراك الذين حولوا اللغة الرسمية  للتركية وبقيت الدول العربية بمشاكلها المزمنة والأنظمة الاجتماعية والاقطاعية  وبسبب الحروب التوسعية (وليست الدعوية) زادت الضرائب المدفوعة لذلك الجهد العسكري. 
- دخل العالم العربي الأزمنة الحديثة باعتباره جزء من الدولة العثمانية وواجه ما واجهت وعند سقوطها وجد نفسه ضعيفا ممزقا مستعمرا في مواجهة معركة التقدم. 
- في بدايات القرن التاسع عشر كان الأزهر يكتنفه الجمود والتقليد وناس يغلب عليهم التصوف والخرافات ولم يكن هناك اثر يذكر للعلوم الطبيعية واهمل امر المدارس وامتد ايدي الاطماع لأوقافها حتى توقفت وانتهبت وتشابه الوضع في بلاد الشام. 
- الشيخ حسن العطار بعد حملة نابليون يذكر: " إن بلادنا لا بد ان تتغير احوالها ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها" (يقصد التقدم العلمي) وسعى في ارسال تلميذه الطهطاوي لباريس الذي عمل عند عودته على طبع المقدمة والبحث عن سبب انهيارالامم وبنائها وكيف السبيل للتمدن والتقدم وعكس أراءه في "تخليص الابريز في تلخيص باريز" و"مناهج الألباب المصرية في مباهج الأداب العصرية". 
- الطهطاوي يقول أن التمدن أصلان: معنوي في الاخلاق والعوائد والأداب للوصول لفعل الخير للجميع ومادي هو الاشتغال بالعلوم والمنافع العمومية (اندوستريا) والبراعة والمهارة في العمل والصناعة.
- خير الدين التونسي عضو المدرسة الحربية والزيتونة  ربط بين التقدم العمراني وبين العدل والحرية. فتقدم المعارف يحتاج مؤسسات معتمدة على العدل والحرية أو "منظمات مؤسسة على العدل السياسي"  مشابهة لغيرنا ممن تقدم. 
 - محمود قبادو (تونس) ،"مكتب العلوم الحربية"،  الذي يلاحظ تقدم السلاح الغربي. وتوقف خوف الغرب من الدولة الاسلامية بعد استحداث " الصواعق الصناعية" أي الاسلحة النارية الفتاكة. وذكر أن تلك هي سنة التداول التي تأتي لصالح من يسعى ويعمل. (ذكر قبادو المرايا المحرقة وبصريات ابن الهيثم) وأهمية العلم.
- قبادوا نظر للموضوع نظرة مباشرة بالعلم تحصل القوة والتفوق المباشر بينما الطهطاوي قال بالحاجة لعملية  تنسيق وتكييف لما تؤثر به الحياة الصناعية التقدمية في الحياة الدينية والروحية. 
-  أحمد بن أبي الضياف 1876م المتأثر بابن خلدون وبخير الدين التونسي. تحدث عن انواع الملك: -المطلق القهري وهو يعارضه الشرع والعقل- الجمهوري حين يقدمون شخصا باختيارهم لفترة معينة كما في بلدان أمريكا وغيرها - والملك المقيد بقانون شرعي او عقلي سياسي.
- محمد بيرم التونسي عاصر خير الدين وابن الضياف ولاحظ ما لم يلاحظوه من خلل في النظام النيابي الفرنسي من رشوة لبعض المناصب واعتقادات بخرافات باطلة في الغرب كحلول الأرواح والبخت حيث كان البعض ينزهها وهي حاوية لخرافات مشابهة لما في الشرق. 
- جمال الدين الأفغاني ت 1897 جاء في زمن الاستعمار وأغرته فكرة توحيد الأديان السماوية الثلاثة الموسوية والعيسوية والمحمدية لما لاحظ من الاتفاق بينها.  ثم رجع عن ذلك وادرك ان الداء هو "انقسام سكان الشرق وتشتت ارائهم واختلافهم على الاتحاد واتحادهم على الاختلاف" رغم مرورهم "بأوقات نحسة" ويقفون على شفير الهاوية والخطر. والخلل هو مااعترى العقائد من خلل وتشويه وهذا سبب الضعف والتخلف.  
- بالنسبة للأفغاني فأسباب الانهيار الخارجية هي (حروب الصليب والمغول والتتر والغرب) والأسباب الداخلية(التوسع العثماني والمسألة الشرقية - سياسية التتريك في المنطقة العربية - غياب العدل والشورى - دخول العنصر الأجنبي وتراخي العصبية -الانغماس في السفه والترف والبذخ والسرف  وحرص المسؤولين على طيب المطعم ولين المضجع وتطاول في البنيان - وتردي الأخلاق وذهاب الفضيلة بشكل عام) 
- التمدن المادي هو ليس تمدن حقيقي فتمدن الحروب هو جهل وهمجية وتوحش. التمدن هو ذو بعد أخلاقي إنساني.  لذلك الغرب يتقدم ماديا اما إنسانيا فهم فيه صنوان والجميع متأخر. 
- علي يوسف يرى أن "التمدن دهري" و"المدنية دائمة مستمرة في الوجود تابعة لوجود الانسان مرتقية بارتقائه" وتعريف التمدن هو " الكمال للمجتمع الانساني" أو هو "تمام نظام الهيئة الاجتماعية" 
- عبد الله النديم وهو مصري معاصر لعلي يوسف وقع ايضا في اغراء التركيب بين الاسلام والفكر الغربي وقال أن الأشياء تتميزبضدها وأسباب التقدم الغربي الرئيسية هي توحيد الممالك والسلطة والجامعة الدينية والمحافظة على هذه الوحدة. إضافة لعوامل فرعية هي: 1- حرية الكتاب في نشر الافكار بعكس الشرق 2- الاستثمار في الصناعة والتجارة مقابل الملذات والشهوات أوالاستيراد في الشرق 3- تشجيع الاختراعات والصنائع النافعة مقابل الاهمال 4- مكافحة الأمية مقابل ترك العلم توهما ان انتشاره يهدد أنظمة الحكم 5- الأخذ بنظام المجالس والنواب والشورى مقابل الاستبداد 6- إحداث الأمم الأوروبية لمجالس السمر الفكري والأدبي والمدني العام مقابل مجالس الشرقيين من غيبة ونميمة وشهوات. يقرر النديم أن "الدين الاسلامي كان السبب الوحيد في المدنية وتوسيع العمران أيام كان الناس عاملين بأحكامه" ويحث على قيام العلماء بالنهوض والارتفاع بالأمة. 
- علي مبارك  يقول ببساطة وتبسيط أن "اتساع دائرة العلم والمعلومات" هو الذي نقل البلاد لأورباوية من حالة التوحش والخشونة لدرجات الكمال والسطوة والاعتبار. إضافة لنمو الثروة وزيادتها والتقدم في الفلاحة والتجارة والصناعة والملاحة. وسبب التخلف هو انحسار تعظيم العلم وأهله وانحراف الخلف عن سيرة السلف في نبذ مصالح الأمة وجريهم وراء شهواتهم الخاصة.  يتفق علي مبارك مع خير الدين في ان العلم والعدل أساس التقدم والجهل والظلم أساس التقهقر.

                                             ***

الفصل الرابع - التوحيد المتحرر
- يذكر الكتاب أن نشأة التصوف ترتد لظاهرة الفساد الاجتماعي والسياسي في الحياة الاسلامية اضافة لظاهرة "العقلنة" المسرفة التي تجلت في علم الكلام والفلسفة الهيلينية بينما قلل أهل السنة من شأن الفاعلية الانسانية الحاسمة على الأرض مقابل المعتزلة الذين انتهوا الى الغلو في تمجيدهم لصورة مجردة لله وللإنسان. وصاحب هذا كله تقهقر سياسي واجتماعي وفوضى وفساد. 
- حاول مفكرين محدثين اصلاح علم الكلام بالتأكيد على ان المطلوب ليس هو العلم بوجود الله بل الاتصال وتجديد الصلة به (محمد اقبال - بن نبي  - محمد عزيز الحبابي وعثمان أمين وقبل ذلك محمد عبد الوهاب وقبله ابن تيمية) 

- علم الكلام لم يؤلف به جديد يذكر منذ القرنين الثالث والرابع الهحري حتى ظهرت "رسالة التوحيد" لمحمد عبده. 
- محمد عبده: سلطة العقيدة والوجدان على الانسان اقوى من سلطة العقل فهي تكبح الشهوات وتحثه على الخير وتذكره بالله.  أما المذهب السائد في الاسلام فهو التوسط بين الجبر المطلق والاختيار المطلق. بالنسبة للانحطاط فسببه لا يرجع للعقيدة الاسلامية بل لانقلاب الصورة الاصلية لها وتوقف فاعلية أهلها انفسهم. 
- الكواكبي: الجبرية والزهد موجودين في جميع الديانات لتحد من شره الطبيعة البشرية في طلب الغايات ولكن معظم المسلمين لجؤوا للقدر والزهد عندما غلب عليهم  جهل الاسباب والمسببات الكونية والعجز عن كل عمل. 
- حسين الجسر: تصدى لمجابهة العلم الحديث فكتب الرسالة الحميدية و الحصون الحميدية للتصدي عقليا - برهانيا للفلسفات الجديدة. 
- ثلاثة رواد ساروا في طريق الجسر وكان كتاباتهم مشهورة في النصف الأول من القرن العشرين وهم 
- طنطاوي جوهري ت1940م (مصر) الذي حث على علوم الفلك والبيولوجيا. فمن اراد معرفة الله - التوحيد الحقيقي - فعليه ان ينظر في عجائب هذه العلوم المدهشة.  
- محمد جمال الدين القاسمي (سوريا)  صاحب كتاب دلائل التوحيد. المليء بالأدلة الفلسفية والعلل. "كلما ازداد المرء علما بفنون الكون والطبيعة ازداد معرفة بموجد الكون وأياته"
- محمود شكري الألوسي (العراق) يستند الى أن العقل(العلم) والنقل كلا منهما يصدق الأخر ويؤيده.
- إضافة لمفكرين غيرهم مثل محمد عزيزي الحبابي من المغرب وعثمان أمين من مصر صاحب الفلسفة "الجوانية". (امتداد لنظرة محمد عبده وبرجسون واقبال الابتسمولوجية. وهي طريقة روحية لرؤية الأشياء بمعنى أن تلتمس الباطن دون ان تقنع بالظاهر وان تبحث عن الداخل بعد ملاحظة الخارج وان تلتفت دائما الى المعنى والقيمةوالماهية والروح من وراء اللفظ والكم والمشاهدة والعيان).

- لقد أوقع تقدم العلم التطبيقي الإنسان في "غربة" مروعة وليس ثمة مخرج له من هذه الغربة الا بإحراز تقدم في "علم الروح" وفي الانتصار للمثالية وفي ختام هذا الفصل يحق لنا الاعتقاد ان الفكر الاعتقادي الاسلامي الحديث - رغم ضعفه العلمي الفلسفي-  قد تحرر في اواسط هذا القرن من قيود وتصورات كثيرة كانت تكبله وتمنعه من القيام بدول فعال وحيوي في الحياة النفسية والاجتماعية والأخلاقية للمؤمنين.

                                            ***

الفصل الخامس  - دروب الفعل
- في هذا الفصل يتفق عدد من المفكرين أن الانحطاط يعود أولا وأخرا لأسباب سياسية منها الفرقة والاختلاف. أبرز الأفكار في فصل دروب الفعل هي التالية: 
- أبي الهدى الصيادي أيد السلطان بصيغة الدعوة لاتحاد داخلي وانقياد تام له وقال ان أحكام القوانين الغربية الحديثة محرفة من اصل احكام شرعية وان الزمان يقتضي االاخذ بها فا"المساواة الزمنية هي مساواة شرعية" وهاجم الوهابية قائلا انها خرجت من الدين كالسهم بخروجها عن طاعة الخليفة المعظم ظل الله على الارض ويجب طاعته عادلا او جائرا.
- رشيد رضا ( من تلاميذ الجسر): شد الرابطة وتوثيقها بين المسلمين بإجراءات كأن يعرفوا تاريخ بعضهم ويكون لهم طرق للتعارف كالجرائد والاجتماع في الحج وغيرها.  كما يجب الاصلاح الديني والاصلاح التربوي للوصول للاصلاح السياسي.  والاصلاح الديني لا يكون بعمار المساجد والتكايا والرواتب بل أعمال تناط بالحكام والعلماء وأصحاب الوظائف الدينية. وأول شروط الاصلاح السياسي الحكومة الشورية بالعدل بموظفين اكفاء أجراء لا مستبدين.  وهذا يحتاج استعداد الأمة للإصلاح (من خلال نشر العلوم والاداب الاجتماعية والاخلاقية والأفكار) . ليس الدين هو المؤشر لصلاح الأمم (وماكان ريك ليهلك القرى واهلها مصلحون)  بل الظلم والصلاح هما قانونا الترقي والانحطاط ومبدأ الصلاح هو تعميم التربية والتعليم والاصلاح الديني الاجتماعي. 
- محمد توفيق البكري (شيخ مشايخ الصوفية) قال أن مستقبل الامم يتوقف على امرين طبيعيين هما كثرة السكان وخصب المكان ومن البديهي ان مستقبل الاسلام كبير وشأنه خطير وللارتفاع بالمسلمين يجب الحرص على العلم ونادى أيضا بجامعة اسلامية. 
- إنتبه مفكرون لخطورة فكرة الجامعة وسيطرة شخص عليها وملابساتها وإثارتها لغير المسلمين وأولهم محمد عبده ورد على ذلك  بتفاصيل. 
- عبد الحميد الزهراوي: لاحظ أن فكرة الجامعة تعني الاتفاق "ان القرأن كناب الله جاء به محمد رسول الله" ولكن هذا الاتفاق لم يمنع الاختلاف في تاريخ المتفقين.  "فمنذ اختلف المسلمون ثلمت جامعتهم ولم يتفقوا سياسيا بعد عهد عمر ولا دينيا بعد عهد علي". 
- رفيق العظم: أقواله مشابهة للزهراوي والإثنين مالا للقومية. 
- شكيب أرسلان: كان داعيا للجامعة الاسلامية وكذلك محب الدين الخطيب وأكدوا ان نهضة الاسلام مرهونة بنهضة العرب. أكد ذلك أيضا محمد كرد علي.
- عبد الرحمن البزاز(العراق) : وحد بين الاسلام والقومية وجعل من الاسلام دينا قوميا عربيا. فالتعارض بين الدين والقومية تعارض ظاهري نشأ من سوء فهم وسوء تصوير وتفسير للدين وللقومية التي تصور الناس انها لا تقوم الا على دعوة عنصرية او عصبية بل هي ترتكز على "الروابط اللغوية والتاريخية والأدبية والروحية والمصالح الاساسية في الحياة"  لكنه عدل موقفه في 1952 فقال انه دين العرب  ولكنه ليس خاص بهم حصريا دون سواهم "كما هي اليهودية". وينادي بتوحيد عربي وليس إسلامي لأن الثاني ليس عملي في الظروف الراهنة لأسباب جغرافية وسياسية واجتماعية. 
- المؤرخ عبد العزيز الدوري (العراق) وافق البزاز في كثير من طرحه. 
- ساطع الحصري:  اتجاه قومي خالص وفلسفة وضعية مع عشق الأفكار القومية الأوروبية.
- عاد المصلحون الدينيين "الواقعيين" لمفهوم "الجامعة الاسلامية"  والاتحاد الروحي والمحبة والنصح والأمور المعنوية التي "ليس للمادة حظ فيها" ومنهم التونسي الطاهر بن عاشور. 
- مالك بن نبي قدم صيغة معتدلة للجامعة الاسلامية سماها "كومنولث اسلامي"  في صيغة لا تتشدد للوحدة الشمولية ولا تتراخى في مفهوم الأخوة المعنوية.
- الكواكبي: تعددت علل التقهقر والتخلف في الدين والأخلاق والسياسة ولكن اهمها هو الاستبداد فهو علة العلل كما ذكر في طبائع الاستبداد. (أم القرى - البليغ القدسي - المولى الرومي - الامام الصيني ). أكد أن البلية فقدنا للحرية والعدالة والأمن وأن الحرية هي روح الدين وهي أعز شيء على الانسان بعد حياته بفقدانها تفقد الأمال وتبطل الأعمال وتموت الأنفس وتتعطل الشرائع وتختل القوانين.
- محمد رشيد رضا: قال أن استقلال الفكر ومكافحة الاستبداد ونشدان الخروج عنه والتنبيه لذلك في العصر الحديث هو مما يدين به الشرق والمسلمون للغرب.
- عبد الحميد الزهراوي: قام بمحاربة  "التحجر الفقهي والعطالة الصوفية وتقديس التاريخ والأزمنة المظلمة " وهي جميعا وجوه للاستبداد. المذاهب فرقت المسلمين أما توقف الفقهاء عند الجزئيات فهو صنعة ومصالح. نشط  في السسيولوجيا السياسية وذكر نصوصا فيها نقد قاسي اثار عليه نقمة الجماهير والمشايخ التقليديين. نادى بالإصلاح الديني وقال ان السعادة الحقيقية هي في تغليب المنافع العمومية على المنافع الشخصية والسعادة الذاتية لا تتحق بشكل صحيح الا ضمن سعادة مجموع الأمة.  قال الشيخ "ان الروح الذي كان غالبا في ذلك العهد هو روح استعباد لا روح استبداد بسيط" و"التربية السياسية تقع على عاتق الجمعيات" .
- شكيب أرسلان: ظل الى جانب الاتحاديين في دخولهم الحرب مع ألمانيا. وحاول كبح جماحهم وصدهم عن اعدام فريق مستنيري العرب. ولكن جميعهم  خسر المعركة وسيطرت انكلترا وفرنسا. 
- أسماء من نادى بالتغريب (نبذ الشرق واللحاق بالغرب أو ليبرالية أو علمنة) من المفكرين وسمي ب"الدائرة الصماء": أحمد لطفي السيد - شبلي شميل - سلامة موسى - طه حسين - محمد حسين هيكل - علي عبد الرازق - محمود عزمي - منصور فهمي - اسماعيل مظهر.  ومنهم من عاد للأصالة العربية الاسلامية لاحقا.
- محمد حسين هيكل: ادرك وجود ازمة روحية لدى الغرب منذ 1920 وكيف أنه يلتمس لها علاجا في فلسفة الهند وادرك أن السياسة الأوروبية تدعم انشطة تبشير مسيحي في الأمة الاسلامية أو تأييد أنصار الجمود الإسلامي. 
- علال الفاسي: في الخمسينات من القرن العشرين وفكره يشتمل على قدر كبير جدا من المرونة والوعي والقدرة على التكيف مع العصر وربما يمكن القول انه أحد الأصوات العربية الاسلامية النادرة التي تكلمت بلغة العصر دون الخروج من قيم الاسلام الجوهرية : "أعظم طابع يميز الديانةالاسلامية هو بناؤها على اصول متينة تجعلها قابلة للتطور والسير دائما إلى الأمام"  "النظر والتفكير الدائب"  لتحقيق الغاية من خلق الانسان "خلافته" وهي عمارة الأرض واصلاحها من اجل خير الانسان في الدارين على حد سواء" (علال الفاسي - النقد الذاتي.) 
- في هذا الفصل فرق الدكتور فهمي جدعان بين "المنجزات التقنية" وبين "المادية" في الحياة الحديثة التي تغزوها تلك المنجزات التقنية والتي جرت العادة على نعتها ب "المادية".
- علي عبد الرازق اخطأ وأصاب (أخطأ في وصفه بعض الأمور بأنها ليست من الدين وطالب بفصلها واصاب في وصفه هالة الخلافة الملكية وقدسيتها) وربما فعل ذلك لتجنب الخلاف مع السلطان فواجهه العلماء ولكن صرخته تلك نبهت الكثير من المفكرين بعده ووجهتهم للتفكير النقدي.
- خالد محمد خالد 1950 حاول احياء دعوة علي عبد الرازق وطالب ب"عزل هذه الكهانة الخبيثة وتنقية الدين من شوائبها". 
- عبد الحميد بن باديس ت 1940 مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. عبر عن فهم جديد لمنصب الخلافة متفقا مع عبد الرازق. 
- حسن البنا وجماعته دعت لتصور شامل يضم تحت جناحيه كل التجليات النظرية والعلمية للإسلام. واستبعدت مصطلح الحزب لكنها لم تنبذ مضمون العمل الحزبي أي العمل السياسي. اقترب البنا من التصور الديمقراطي المعمول به في الغرب.  من أغرب ما يمكن ان يلاحظه الباحث أن نظام "الحزب الواحد" الذي وضع دعائمه جمال عبد الناصر هو نظام استلهمه من افكار حسن البنا نفسه مؤسس الجماعة الذي رأى ضرورة ان تحل جميع الأحزاب المصرية (لتعددها وتناحرها) وتجتمع قوى الشعب في حزب واحد. 
- عبد العزيز جاويش ت 1929م: ألح بشدة على القول بمجاراة الشريعة لأحكام التمدن والترقي. "الإسلام صالح لكل زمان ومكان".
- الدكتور السنهوري: نادي بوجوب الرجوع للشريعة عند مراجعة التشريع المصري وعدم اقصائها من مصادره كما كان الحال في القرن الذي قبله.وكذلك احمد حسين المحامي. 
- عبد القادر عوده: درس الشريعة 1945 لمقارنتها بالقانون الوضعي  وقرر سموا احكام الشريعة في القانون المدني والجنائي. 
- بينت دراسات الغربيين انفسهم أثر الفقه الاسلامي في القانون الفرنسي خاصة (سيد حسين ومحمد صادر فهمي وعودة).
- العقاد: "أقرب الأقوال الى سند السيادة في الاسلام هو الرأي القائل انها عقد بين الله والخلق من جهة وعقد بين الراعي والرعية من جهة فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". 
- ذكرالكتاب النبهاني وحزب التحرير وجعله الخلافة مقابل الديمقراطية. 
- أحمد عروة: المهمة الأعظم والأصعب هو خلق الأحوال الروحية والعقلية والاقتصادية والاجتماعية لبعث المجتمع الاسلامي.
- ختام هذا الفصل أن قضية المفكرين المسلمين السياسية تحتاج لصيغ أكثر نجوعا تركز اكثر على الديمقراطية المعدلة التي تكلم عنها البزاز وعوده والفاسي وينبغي الاعتراف ان التجارب التي تمت حتى الأن لا تبعث على الرضى ويجب القول ان الفصل الكامل للاسلام عن البناء الاجتماعي والسياسي هو امر لا يعكس النظر للمشكلة من داخل الاسلام نفسه.
                                           ***
الفصل السادس - القيم 
- يقول خير الدين التونسي ت1890  "أن التمدن الاورباوي تدفق سيله في الأرض فلا يعارضه شي الا استأصلته قوة تياره ولا نجاة الا لمن يحذوا حذوه". وهذا يقطع ما اشار اليه ابن خلدون من رابطة جوهرية بين الحضارة ونهاية العمران وان الغلبة والعمران والمعارف لا تحمل بالضرورة في طياتها بذور فنائها. مضى قرن كامل قبل النقد الكامل هذه النظرة. 
- رفيق العظم ت1925 : التقدم المدني الانساني مرهون بالثروة والعلوم والعمران والقوة السياسية في الجماعة إضافة للروابط الاجتماعية وما ينشأ منها من تعاون وتعاضد. وتلاشي العمران وخراب البلدان ليس نتيجة حتمية. التلاشي محكوم بأسباب يمكن تحديدها ويمكن تلافيه أو الافلات حتميته . أما أسباب التحول وتقلب الدهور فيمكن تلخيصها في 1- اختلاف مشارب غايات الإنسان  2- اختلاف الفطرة 3- سرعة او بطء التمدن 4- الحروب الدائمة 5- تسارع الاقتصاد في الترف والسرف والفواحش  والغلاء دائم  فيضطر الناس للاقدام على المحظورات لتحصيل النقود فتزداد السرقة والغش ويزداد الفقر والتأخر فتتلاشى المدنية 6- اختلاط المتمدنين بغير المتمدنين يكون سببا لتقدم غير المتمدنين على الأخرين.

- علي يوسف ت 1913 تسويغ سيطرة القوي المتقدم مدنيا على الضعيف وهذا يسوغ هيمنة الغرب ويغيب الحق والعدل.

- المفكرين السابقين يميزون بين المدنية الحقة والباطلة. المدنية الحقة ليست في التوسع في الماديات وانما قبل كل شي هي سيرة تكسب المتمدن صحة في الجسم والعقل وسعادة في الدنيا والأخرة. إنها اخلاق فاضلة تثمر ائتلاف الافراد واتحاد الجماعات وسعي وعمل لعمارة البلدان وارتقاء الحالة الاجتماعية واكتساب الفضائل وابتعاد عن مناكر الاخلاق وتشييد صروح العلم.

- الهجمة الغربية على الاسلام وتمدنه قد شحنت الجو الفكري الاسلامي في اواخر التاسع عشر بحمى الجدل الديني واندفع الكتاب المسلمون في التيار الذي خطه الغربيون وراحوا يدورون في الجدلية الغربية نفسها ما بين دفاع وهجوم وتسويغ.

- محمد فريد وجدي ت1954 رأى أن  "الإسلام روح المدنية الحقيقية وعين امنية النفس البشرية ونهاية ما ترمي اليه القوة العقلية".

- الإصلاحي البيروتي مصطفى الغلاييني ت 1944: رد على كتاب "مصر الحديثة" للورد كرومر المعتمد البريطاني في مصر وزعانفه بكتاب "الاسلام روح المدنية"  يؤكد فيه انه دين يرافق العقل ويمشي مع المدنية ويصافح الانسانية. ويعزز قول محمد عبده "ان الاسلام محجوب بالمسلمين".

- مالك بن نبي ت 1973: أبرز مفكر عربي عني بالفكر الحضاري منذ ابن خلدون (استاذه الأول).
فكرة الانطلاق لدى مالك هي أن " مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارته ولن يفهم او يحل مشكلته ما لم يرتفع بفكرته الى الاحداث الانسانية وما لم يتعمق في فهم العوامل التي تبني الحضارات او تهدمها" . أما الخلاص من الاستعمار فيحتاج لتحول نفسي من "القابلية للاستعمار".
 الحضارة عند مالك هي انسان وتراب ووقت وهذا كله بحاجة لمركب والتحليل التاريخي يدل ان المركب الذي رافق تركيب الحضارة هو "الفكرة أو الاعتقاد الديني أو الايديولوجي". ولكل حضارة حياتها او "دورتها" من نهضة - توسع للأوج - ثم أفول. وهذه الدورة خالدة لكنه ليس يؤوسا كابن خلدون ذلك أن المبدأ الذي تعبر عنه الأية " لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" يجعل الأسباب في أيديهم.
أي محاولة للنهضة او اعادة البناء ينبغي ان تستند لوعي كامل بتاريخ هذه الحضارة والمراحل التي مرت بها او انتهت اليها(روح -عقل - غريزة) . في مرحلة الغريزة او بعدها يوجد "انسان ما بعد الموحدين" وهو انسان يعمل لحسابة الخاص (فردية وغرائز) فينحط المجتمع وتتهيأ القابلية للاستعمار ثم الاستعمار. وأول واجبات العالم الاسلامي هو ان يقطع المسافة التي تفصله عن التقدم المادي بدون الارتداد عن المثل الاخلاقية وكذلك الجمع بين العلم والضمير وبين الخلق والفن.

- سيد قطب: لا يعنى بالتحليلات الفلسفية مثل مالك بن نبي بل يقرر قضايات مباشرة. وينظر للمجتمعات على انها مجتمعات جاهلية مع موقف سلبي من الحضارة الغربية بشهادة الكسيس كاريل صاحب كتاب الانسان ذلك المجهول. (يبين كاريل في كتابه ان التقدم العملي المادي لم يصحبه تقدم مواز ومكافيء في علوم الانسان بل ان الانسانية مهددة بالمادية التي تضغط على السمو العقلي والعاطفي والجمالي والأخلاقي للذهاب  لكارثة والحل هو تقدم علوم الانسان).الإسهام الأكبر لقطب في مسألة الحضارة هو تأكيده على تعديل الحضارة الغربية على اساس مثالي واقعي تتحقق فيها انسانية الانسان وتسحب المادية الخالصة.

- ذكر أيضا في هذا الفصل محمد البهي وعلال الفاسي. وقال بأن العديد من المفكرين المسلمين في العالم الحديث امنوا بأن "التمدن" او الحضارة تستحق ان ترقى لمرتبة "القيمة" التي تدفع بصاحبها للتميز الانساني وقد صعقوا بالحضارة الغربية فوحدوا بينها وبين التقدم لكن ما لبثوا ان ابتعدوا عنها مدركين مخاطرها وانها على ضرورتها التقنية يجب ان تكون ذات وجه انساني. 

- عبد القادر المغربي ت 1965 يدعو للإصلاح الديني كوظيفة من وظائف علماء الدين الذين لم تلههم مناصب الجاه ولم تشغلهم امور دنياهم عن النظر في الاصلاح. ويقول بإجتهاد العلماء مجتمعين لا منفردين مستندين على الأصول لا على أراء السابقين. 

- شكيب ارسلان ت 1946: رجل المسائل السياسية - المسألة الشرقية والمسألة الاسلامية والمسألة العربية. كان من أنصار الدولة العثمانية  ولكن بعد سقوطها بدا له ان الانحطاط سببه علل اخلاقية وأن المسلمين فقدوا الأسباب وتغيروا. 

- عبد الحميد بن باديس  ت1940: صلاح التعليم أساس الإصلاح. ويميز بين الإسلام الذاتي والإسلام الوراثي. والطريق للاسلام الذاتي هو التعليم وهو ما يعول عليه.

- محمد ابن الخوجة الجزائري ت1917:  ركز على تعليم النساء وان الجهل يهوي بهن في مهاو مخيفة ومفاسد كثيرة واعتقادات فاسدة ولكن لولا جهل الرجال لما وصلت النساء لهذه الدرجة من الجهل والضلال.
- قاسم امين ت1908: بدأ بأفكار ابن الخوجة وراعى الأصول الدينية في كتاب "تحريرالمرأة" ثم اصبح راديكاليا وكتب "المرأة الجديدة" والذي يعكس وقوع "انتقامي من الشيوخ التقليديين" في احضان الليبرالية الغربية البورجوازية واستخدم الفاظ كضرورة تمزيق الحجاب ومحو اثاره او سلب حرية النساء وغيرها  ليبرالية قاسم امين المسرفة تدخل المرأة المسلمة في متاهة يصعب التعرف على نهايتها.

- ملك حفني ناصف ت 1918 - "باحثة البادية" اتخذت موقفا وسطيا بين التقليد والتغريب فيما يخص الحجاب والاختلاط ونقد بناء للزواج واسقطت دعوة الربط بين الحجاب والسفور وبين التقدم والانحطاط لدى الأمة بدلائل من الغرب والشرق والتاريخ والحاضر. من مشهور قولها "قومو اخلاقكم واصلحوا انفسكم فإن فسادكم أدعى الأسباب الى تحجبنا".
- نظيرة زين الدين: ربطت الفكر بالثياب وادعت أن أول درجة من سلم الرقي هو السفور.
- الطاهر الحداد - تونس 1935: الأحكام يجب ان تتغير مع الزمان (حتى الأحكام الصريحة) تغيير الارث والزنا وحظر تعدد الزوجات ومثلت اراءه في رأي المحافظين إبطالا لأحكام القرأن القطعية.

- محمد بن علي السنوسي ت 1860 السنوسية  هي حركة إحياء من الطريق الاجتماعي - الاقتصادي يتجسد في الوحدات الجماعية التي تسمى الزوايا. ولها قيمين يديروا شؤونها ويحكموا بين الناس. ولها نشاط مشترك بعمل فيه الفرد للمجموع ويتكفل المجموع بحاجات الفرد. 
- رفيق العظم: أفكاره تربط الإصلاح الإسلامي ب  "التكافل العام" ويعني هذا بحسب رشيد رضا "معرفة مجموع الأمة بحقوقها ومصالحها المشتركة معرفة صحيحة تحملهم على الاتفاق على حفظها وصيانتها بحيث ينفعل المجموع لعبث عابث او ظلم ظالم ويهب للذود عنها وحفظ كيانها". 
- الأفغاني والكواكبي ومحمد رشيد رضا تبينوا في الفيء والزكاة والصدقات وتحريم الربا اطارا عاما لاشتراكية اسلامية اعتقدوا انها هي الاشتراكية الحقيقية.
- شكيب ارسلان: الزكاة الشرعية هي اكبر اساس اشتراكي اسلامي. ولو أدوها لما بقي فقير. 
- معظم المفكرين لم يكونوا اقتصاديين بالمعنى المحدد لذلك لم يتم التوسع في القضايا الاقتصادية بصورة منظمة.

- عبد القادر عودة: المال لله وللبشر حق الانتقاع به ويترتب على ذلك 1- لاتملك نهائي 2- أهل الحكم والشورى هم من ينظم طريقة الانتفاع ... الخ. 

- سيد قطب: أبرز من عني حديثا بالمشكلة الاجتماعية الاقتصادية وربطها بالتصور الاسلامي العام. الأصل في الوجود الاجتماعي هو التعاون والتكامل بين الجميع. أسس العدالة ترتد لثلاثة:  -التحرر الوجداني المطلق - المساواة الانسانية الكاملة -  التكافل الاجتماعي. من أقواله: "من الترف الحرام ان يكلف مسجد مئات الألاف او تكسى الكعبة بالمخمل الموشى بالذهب بينما الناس تعيش في بيوت الصفيح والبوص”. 

- مصطفى السباعي: نفس افكار عودة وقطب الا انه تميز بجرأته على اطلاق اسم "اشتراكية الاسلام" على العدالة الاجتماعية واطلق كتابا اثار عنوانه ضجة وجدل.
- من ناحية ثانية حرص بعض الشيوعيين على ربط الاسلام بالمذهب الرأسمالي وأسرفوا في تضخيم الملكية الفردية ومن ناحية ثالثة حرص بعض "المتاجرين بالدين" ممن لهم مصالح معينة على ان يربطوا الاسلام بالنظام الحر ويشددوا على العداء للاشتراكية. 
- الخلاصة ان المفكرين المذكورين سابقا اتفقوا على فكرة "انتفاع المستخلف بالمال" لا تملكه حقيقة واطلاقا فالمالك الأصلي هو الله والمالك الحقيقي هو المجتمع لا الفرد. والملكية الفردية قد عريت لديهم من طابع "القداسة" الذي اسقطه عليها فقهاء "الرأسمالية الغربية".
                                       ***
*الخاتمة الاسلام والمستقبل*
- تلك هي منجزات مفكري الاسلام المحدثين وذلك هو اسهامهم في الجهود الفكرية من اجل خط الاسس ورفع دعائم البناء لعالم متقدم. وهي نماذج متعددة  لذلك لا يمكن الحكم عليها حكما عاما شاملا. والحلول المطروحة ارتبطت بالظروف السياسية والاجتماعية والثقافية التي نجمت فيها.
- على المستوى الاجتماعي: الدين اصبح ذا وظيفة اجتماعية صريحة اتخذت احيانا شكل الوظيفة السياسية الخالصة.
- على مستوى السياسي نلاحظ ان التطور السياسي انتهى بمفكرين للاعتقاد ان العالم العربي لا يستطيع التقدم الا ان تكون الدولة للاسلام واتخذت هذه الرغبة عند بعض الاحزاب الدينية السياسية صورة راديكالية جدا بحيث اصبحت الهدف المباشر الأول. 
- اما المبادئ القيمية مثل الأصالة والانسانية والمثالية فقد بلغت درجة عالية من السمو في الأزمنة الحديثة. ربما الشعور بالخطر الذي بدا ان الغرب يتعرض له والقادم للشرق هو الذي دفع المفكرين لتقرير هذه المبادئ كألية من اليات الدفاع عن الوجود. 
- أما تحديات العالم الحالي فهي : 1-تعدد الطفرات والتسارع والتغير في كل القطاعات 2- تراجع المبادئ التنويرية التي عززت النزعة الانسانية وسيادة المصالح واللذات الذاتية. 3- عجز المثالية عن التعامل مع الواقع المحكوم بقوى المادة.
- بالنسبة للإنسان من وجهة النظر الدينية فقد 1- تخلى عن نشدان الخير العام والتفت لدائرة وجوده الخاصة 2- لم يعد من الممكن الاحتكام للوازع الباطني لإقامة الحق والعدل. 
- بادي الرأي عند الدكتور فهمي جدعان هو الاجتهاد في تصور "عقلية مستقبلية" لتوجيه علاقة الاسلام والمسلمين بالمستقبل وهذا مما تدعو اليه الضرورة بشكل حتمي. 
- القصد بالعقلية المستقبلية الاسلامية هو مجمل طرائق النظر والفعل والسلوك التي يجدر توافرها عند الانسان المسلم سواء الان او في الزمن القابل ،الذي نستطيع بوسائلنا الطبيعية استشرافه ، وهذا يعني ان تكون هذه العقلية مطالبة بتحقيق شروط خاصة تناسب المستقبل ومعطياته وتندمج في الشروط المتجددة في الزمان الاتي. 
- الحاضر الحالي هو إما اتجاه سلفي اتباعي ساخط على اغلال الازمنة الحديثة وضلالها والتعلق المطلق بالسلف والتراث وهو يبدوا احاديا متماسكا لكنه مهدد بالاغتراب. أو اتجاه النهضة الذي هو في حالة ثنائية بين التراث والتجديد الاتباعية المطلقة او الابتداعية المطلقة من طرف ثان. 
وفي ما بين الجميع هناك اخلاق الحرج التي توجه الانظار نحو الهاوية والفساد والاثم وهناك اخلاق الرحمة حيث تسع مغفرة الله وعفوه كل شيء وهناك عقلية استعلاء ايماني دعي وهناك عقلية استخذاء التي تقبل وتسوغ وتتسامح في كل شيء. وهناك الانسان المكبل بالقدر والحتمية والأخر الواثق من فاعليته المحرر من تلك القيود ولو بقدر. 
إننا امام حالة تشبه الفصام والمطلوب هو اعادة الوحدة والتماسك. 

- هواجس المستقبل ترتد للأمور التالية: 
1- التخلف (عقدي، اخلاقي، اقتصادي، اجتماعي، سياسي) وتختلف تعليلات المسلمين في سبب لهذا التخلف هل يعود لسقوط العثمانيين - سقوط بغداد - العباسي الثاني أو الأول الأول - الدولة الأموية - أم التحول لملك؟ لن نجد الجواب الشافي لكن الأهم هو وعي الظاهرة وادراكها ومحاولة تخطيها وتجاوزها. وهذا ما يحصل من زمن ابن خلدون.
2- التراث: التراث هو كل ما ورثناه تاريخيا عن الاصول والماضي وهو هاجس رئيسي لأنه مشرع الابواب على ماض مقدس وملتحم بحاضر متخلف (الوحي ليس من التراث) ويجب فصل الدين والعقيدة عن التراث فلا يضعوا التراث في مرتبة العقيدة. (علم الكلام - الفقه - التفسير - اصول الفلسفة - العلوم - التصوف) هي منجزات. أما العقيدة فأصلها القرأن وما صح من الأحاديث وهي ليست منجزات بشرية بل معطيات الهية. 
3- الاغتراب: هو حالة تكف فيها الذات عن العيش في شروطها الثقافية الموضوعية المباشرة. السلفيين مغتربين والعلمانيين والليبراليين المنعتقين من التراث واشتكو من تخلف الجماهير مغتربين أيضا إضافة للشيوعيين الذين قالوا ان الماركسية هي بديل مطلق للاسلام. هكذا اخفق الجميع وأصبح لدينا بانوراما فيسيفسائية لحالات اغتراب فاجعة. المستقبل لن يتقبل عقلا مغتربا (مثلما فعل الماضي والحاضر).
4 – العلم.
5 - العمل: المفارقة التي يعيش بها المسلمون: الايمان بقيم غير محولة لممارسة.
6 - التغير: دخل العالم المتقدم في "عصر الزوال"  والعوالم الأخرى في موج كالجبال.  الملائم هو النظر في مبدأ (تغير الأحكام بتغير الأزمان) ومبدأ (المصالح المرسلة).

- استراتيجيات التحول للمستقبل:  1- كبديل "للتخلف" يجب الرضا بمفهوم التقدم ك "تغير نحو الأصلح" ولا نسلم للطرطوشي ب "ذهب صفو الزمان وبقي كدره" بل نقر في عقولنا انه للبقاء ووراثة الأرض يجب ان نسلم بالتقدم وواقعيته. 2- التعود على "تاريخية" "التراث" كإنجاز انساني. 3- "التجذر" لمكافحة "الاغتراب" ويعني التمسك بالذات الممتدة في التاريخ والنمو باتجاه المستقبل  ايضا. 4- بالنسبة للعلم يجب التسليم بقطاعين: قطاع الوجود الشاهد (الانسان والطبيعة) وقطاع الوجود الغائب (الله والأخرويات) والاسلام دين العقل في حدود مملكة العقل ودين العلم في الحدود التي يقرها العلم نفسه. وليس من شأننا ان نجري خلف محاولات التوفيق بين قضايا العلم ومضامين الوحي. 5- العمل: التنمية المناسبة لكل قطر وأن يألف "العقل" السياسي الاختلاف والواقعية. ومن حق المسلمين على دولهم أن يحكمو وفقا للمبادئ الجوهرية التي اقرها الاسلام (حرية - كرامة - عدالة) ومن واجب الحكومات الأخذ بيد رعيتها من التفرد للمشاركة ومن مثال العبد الى مثال المواطن. 6- التكيف مقابل التغيير وصدمات المستقبل. (المصالح المرسلة) وقاعدة (تغيرالاحكام بتغير الأزمان). 

شروط تحقق التحول للمستقبل: 1- الوعي المعرفي الذي يشكله عند الناس رجال الفكر والعلم والثقافة والإبداع والفكر الديني السديد 2- التخطيط يصممه واضعو السياسات الثقافية والتنموية.3- التطورالمحتوم وتعديل البنية العقلية والسلوكية وفقا لسنة بينة اوعوامل كامنة  أومبادرات تهيئ العقول لكل جديد مع مراعات خصوصية كل بلد (ثقافية، قومية، سياسية الخ). 
*المستقبل منوط بنحو حاسم بقصودنا وارادتنا وفعلنا وما نتمثله بوعينا وما نمضيه بحريتنا من استراتيجيات البقاء والمستقبل*
*****

الخميس، 6 فبراير 2020

مثلث القهر - قصة قصيرة


كان الممر الموصل لمكتب رئيس الدولة متوسط الإضاءة يعمه الهدوء باستثناء صوت خطوات مدير جهاز المخابرات الدينية الذي تجاوز الخمسين من عمره وبدا عليه ملامح الجدية والاهتمام مع بعض الامتعاض الذي تسببت به تلك الأخبار المزعجة التي يعلم مسبقا انها لن تعجب رئيسه الشاب. خلال مسيره كان يفكر بمنصبه وقوته وكيف أن كل الامتيازات المادية والقوة والسلطة التي حصل عليها يجب ان تستمر وتزداد حتى لو اضطر لتقديم المزيد من أولئك البسطاء لتلك المقصلة العمياء فما وصل إليه لم يحصل عليه ملايين البشر ويجب عليه أن لايفرط به مهما حصل. بقي بضعة أمتار للوصول لمدخل المكتب فغير تفكيره إلى استحضار أفضل الطرق لسرد ما معه من معلومات.

استقبلته موظفة الاستقبال بابتسامة رسمية واشارت له أن يتفضل بالجلوس لدقائق لتأخذ له الإذن بالدخول. لم يتردد في اختيار اقرب أريكة جلدية فاخرة ووضع الملف الذي يحمله على طاولة بجانبه وبدأ من جديد بترتيب أفكاره التي قاطعها بعد دقيقة دخول زميله مدير جهاز الاستخبارات العامة ورافقه إشارة السكرتيرة بالدخول لهما معا.

بدا المكتب كبيرا وفخما كالمعتاد ولاحظ عند اقترابه من مكان الجلوس أن رئيس الدولة يتابع بسعادة ظاهرة ,على إحدى شاشات العرض المتعددة والمنتشرة في الغرفة, لقطات تلخص أخر أسبوع من النقاشات الدينية الحادة التي انتهت كالعادة بخلافات كان يعرف نتيجتها. كيف لا وهو من اطلع على جدول كل المحاضرات والاجتماعات الدينية التي تجري حول العالم وقام فريقه بتلخيص كل تلك اللقطات قبل أن يرفقها في تقريره الأسبوعي لمكتب الرئاسة.

ألقى الأثنين التحية فأجابهم الرئيس ضاغطا زرا لفتح حائط خفي في الخلفية لتظهر غرفة موازية تحوي طاولة اجتماعات تتسع لثلاثين شخصا على الأقل ثم وقف مشيرا لهم بالدخول لتلك الغرفة.

بعد تبادل بعض العبارات التي تتراوح بين الترحيب والمجاملة جلس الجميع وبدأ الرئيس بالكلام متجها أولا ناحية مدير الاستخبارات العامة.

- الهدف اليوم هو سماع التقرير شبه السنوي من مدير الاستخبارات الدينية السيد نورس الذي تعرفه جيدا فقد عملتم معا في السابق ولكن كما تعلمون جميعا كان من الضروري فصل المخابرات الدينية لأهميتها الاستراتيجية في صنع الفكر الديني لكل الفرق في بلدنا كما نريده نحن ثم السيطرة على كل تلك الأديان والفرق والمذاهب حتى لا تسبب لنا مشاكل أو معارضة قوية أو رأي موحد يخل بموازين القوى التي نصنعها منذ سنين طويلة. ابتسم لهما معا مستطردا، الموضوع كما شبهه لي ابي قبل وفاته بالفرق الرياضية والمشجعين وتناحرهم وتقاتلهم واستنزاف وقتهم وجهدهم بشكل جميل جدا لنا بحيث يعطينا هذا الاستنزاف كل الوقت لنسيطرعلى أموال الدولة ومواردها واقتصادها وأراضيها وحتى البشر. المذهل في الموضوع أننا أصبحنا نطبق هذا الأسلوب في التفريق والسيطرة ليس فقط في الرياضة بل في الدين وبعض البرامج التلفزيونية وعدة أمور غيرها كما تعلمون.

- انتهز مدير الاستخبارات العامة توقف الرئيس للحظات قائلا: سيادة الرئيس الوالد كان رياضيا وعلمنا الكثير عن غباء الجماهير وعقلية القطيع والتفاعل الشعبي الأعمى ولا تزال بعض العبارات تتردد في ذهني بشكل شبه يومي وسيكون فخورا بكم بكل تأكيد اذا شاهد هذا التفوق الذي نحققه في المجال الديني الذي أسسه ووضع بذوره والذي تجاوز تفوقنا في المجال الرياضي فجماهير الدين عددها أكبر وجدالها أشد وتفرقها أسهل وكل ما زاد نشاط الجدال والحوار بالأساليب التي وضعناها كلما زادت الفرقة والتناحر ثم التقسيم والتنافر مما يؤدي لاستنزافهم وسيطرتنا على كل شيء.

- وافقه الرئيس بإيماءة من رأسه ثم نظرا معا لمدير الاستخبارات الدينية في انتظار تقريره.

- تنحنح السيد نورس قليلا ثم قال لدي عدة أخبار جيدة وخبر واحد سيء. سأعرض عليكم الجهود والاستراتيجيات والطرق التي تم تطويرها مع فريقي وأحدث الأرقام ثم خلاصة للوضع الحالي وبسرعة أخرج جهازا لوحيا من الملف الذي يحمله وشبكه بشاشة عرض أكبر مواجهة لمكان جلوسهم ثم بدأ بتقديم وسرد شرائح التفاصيل.

*********

قبل ذلك الاجتماع بيومين وفي صباح هاديء في إحدى الضواحي البعيدة في نفس المدينة دوى إطلاق عدة أعيرة نارية ثم ارتطام سيارة واحتكاك عجلات سيارة أخرى تنطلق بسرعة جنونية. بعد دقائق خرج شاب من بيت مقابل لمكان الارتطام ،يبدوا أنه مالك السيارة المصدومة، وساعد الراكب الوحيد في السيارة التي تعرضت لإطلاق النار على الخروج منها. كان الرجل بوعيه ولكنه ينزف من جروح سطحية في يده وجبهته التي ارتطمت بشيء ما في مركبته خرج مرضوضا مشتت الذهن متألما.

أسنده للوصول لحافة الرصيف القريبة وأجلسه ببطء ليطمئن عليه. كان رجلا في منتصف الأربعينات قد غزا الشيب نصف شعره يبدوا عليه الحكمة والوقار وقد تمالك جأشه بسرعة وأدرك ما جرى له وردد عدة مرات لعنات ودعوات على الظالمين. بادره الشاب المنقذ بالسؤال عن وضعه فأجابه الرجل يطمئنه بأنه بخير وطلب منه الاتصال بأخيه ليأتي وهذا ما حصل. عرض الأخ أن يعوض المتضرر فأجابه بالرفض تقديرا لما حصل لهم ونظرا لأن أضراره خفيفة مقارنة بما حصل لأخيه ولمركبته من اطلاق نار ومحاولة قتل. عالج الأخ بقية الأمور من سحب السيارة لورشة اصلاح بعد افراغها من المحتويات المهمة ثم أوصل أخاه للبيت بعد أن تأكد أنه ليس بحاجة لزيارة المشفى أو الطبيب.

في السيارة سأله بلهفة:

- ما الذي جرى بالتفصيل؟

- يبدو أن كتاباتي أو كلامي الأخير أزعجهم بشكل جعلهم يتخذون القرار بالتخلص مني. كنت أجلب طعام الإفطار لي ولأسرتي وانتهزوا الفرصة وأطلقوا علي كلابهم لقتلي. ما حدث يضع على عاتقي مسؤولية أكبر ويحثني على المتابعة لا التوقف.

- ما الذي تنوي فعله؟

- أول خطوة هي أنني لن أبقى أنا وأسرتي في هذا البلد الظالم فقد عم الفساد وفشا وأصبحت القيم نادرة و التغيير مستحيلا وبقائي يعني إما قمعي وحبسي أو قتلي. المستبدين لن يروق لهم أن يتكلم أي شخص بما يشاء خاصة إن كان يكشف خططهم وينشر الوعي ضدهم. لقد قسمونا شيعا وطوائف ويزيدون هذا التقسيم والتفريق كل يوم في كل المجالات إنهم يستنزفون كل الشعب بكل دياناته واعتقاداته وأحزابه ورياضاته وحتى تفاصيل حياته الصغيرة والكبيرة. إن قصص التقسيم والتفريق مكررة من أيام الفراعنة الذين فرقوا الناس شيعا وأحزابا بـأدوات سياسية وعسكرية واقتصادية إنه ثالوث شيطاني مكون من فرعون وهامان وقارون. وهو يحصل في كل العصور بأسماء مختلفة وتقنيات وأهداف متشابهة وقد ينتصر أو يهزم حسب مقاومة الشعوب له ووعيها به. 
و بالنسبة لي فلن أبقى مستضعفاً... سأهاجر.

- إلى أين؟

- في بسيط الأرض أوطان كثيرة المهم الخروج وبعدها سأجد أي عمل أؤمن به حاجات أسرتي الأساسية  ثم اتابع رسالتي وهدفي وهو نشر الوعي حتى لو كانت هذه بضاعة كاسدة في أيامنا هذه.

*********

في غرفة اجتماعات المكتب الرئاسي تابع مدير الاستخبارات الدينية السيد نورس عرض المعلومات قائلا:

- كما تشاهدون أيها السادة عدد الديانات في البلد تجاوز العشرين وإذا دخلنا مثلا في تفاصيل وتقاسيم الفرق والمذاهب الخاصة بالمسلمين فقد أصبح عددها الأن يتجاوز الخمسين. عشرين منها يصنف تحت فرق التصوف المتعددة وحوالي عشرة فرق تتبع لمدارس تتبع المذاهب الأربعة المشهورة مع اختلافات بسيطة في رؤية كل شيخ أو مجموعة شيوخ من هذه الفرق العشرة. هناك أيضا عشرة فرق نطلق عليها الطرق الحداثية وهي لها شيوخ تم صنعهم في مدارس خارجية مختلفة عن المدارس الشرعية الكلاسيكية أو التقليدية ومن ضمن هذه المدارس الحداثية من يخاطب الشباب ببعض فتاوي التسهيلات الجنسية ومنهم من يخاطب التجار بفتاوى مالية لا يستطيع اصدارها الشيوخ التقليديين إضافة لرجال الدين الذين يلعبون على اوتار العواطف الانسانية البحتة ويحثون الناس على البكاء العاطفي ثم الشعور بالارتياح بعده واحساسهم أنهم أدوا واجبهم الديني بدون أي تفاعل اجتماعي حقيقي ويوجد أيضا أصحاب الطقوس المتنوعة المفرغة من الفكر والتفاعل الاجتماعي التي تشمل حضور دروس وختم مشتركة أو حلقات ذكر وأكثرها فعالية التي يتخللها حركات الذكر الصوفية التي ايضا تستهلك وقتا وجهدا وتشعر الناس أنهم أدوا واجبهم الديني بعد ساعات من الحركة الجسدية المكررة التي تدخل العقل في شبه غيبوبة ومنهم من ينادي بالتجديد المدروس ومنهم أيضا من ينادي بالتغيير الاعتباطي وهذا أيضا محسوب ومشجع عليه وأذكر منهم فرقة تركز فقط على النقط المثيرة للجدل أوالعشرات من الأحاديث التي عليها خلاف مع تجاهل القسم الأكبر وهو ألاف من الحديث الصريح الواضح وهذه الفرقة مهمة لأنها تشكك وتثير الجدل في نفس الوقت. وهناك ثلاثة مدارس سلفية أيضا بها اختلافات والمفضلة عندي منها الجامية المطيعة بلا قيد أو شرط وأخيرا ما تبقى من الفرق هي عبارة عن مجموعة من خريجي الجيل الثالث من مدارسنا التي يتراوح قادتها أو شيوخها بين التنادي للعودة لأنظمة حكم ملكية استبدادية لمجرد انها مرت ضمن التاريخ الإسلامي تحت مسمى الخلافة أو التردد أو الطاعة العمياء لأجهزة الأمن بداية من القاءالخطب وحتى تجميع المعلومات لنا بشكل غير مباشر عبر تقديمها لوزارة الأوقاف.

طبعا هناك لكل فرقة أو مجموعة رجل دين نطلق عليه داخليا "شيخ الصنعة" ولهم أماكن عبادة مخصصة بالكامل أو اوقات خاصة في تلك الأماكن وليس بالضرورة في وقتنا الحالي أن يكون "شيخ الصنعة" مرتبطا بنا مباشرة كما في الماضي بل معظمهم الأن قد تربى وتبرمج بالكيفية التي نريدها ونحرص على عدم التواصل المباشر معه طالما هو يسير في المجال المخطط له ولا يناقش الأمور العامة ولا يتكلم في السياسة أو ايقاف الظلم أو الدفاع عن المساجين أو حتى حقوق الإنسان.

اعتدل نورس في جلسته وبدا كأنه تذكر شيئا مهما في احدى شرائح العرض واستطرد قائلا سامحوني يا سادة فقد كدت أن أنسى أهم 4 فرق ولكن ربما فاتني ذكرها في البداية لأن الإشراف عليها مشترك مع قسم خبراء علم النفس التابعين للمخابرات العامة. هذه الفرق التي ندعوها فرق العنف والتكفير الديني منها اثنتين يتوزع أفرادها في السجون منعزلة عن بقية المعتقلين الدينيين والسياسيين وهناك فرقتين خارج السجون ولكنهم تحت المراقبة المستمرة وبينهم الكثير من رجالنا لضبط تحركاتهم ولا يوجد اي خوف منهم طالما مفاتيح الأمور في أيدينا أما الذين في السجن فنطلق عليهم داخليا مصطلح "مصنع الإرهاب الداخلي". عند الحاجة لمزيد منهم نضيف بعض الشباب البسطاء لهم في السجن حيث يتم تلقين ونقل الأفكار التي سبق أن أدخل معظمها رجال مخابراتنا الأوائل ثم تتابع تدريسها عبر الأجيال التي تمر في السجن. العملية تستغرق من 4 الى 10 سنوات حسب عمر كل شخص وتفكيره أي نفس الوقت الذي يستغرقه اي شاب في دراساته الجامعية والعليا. بعد ذلك إما يطلق لينضم للخلايا التي في الخارج والتي هي تحت السيطرة والمراقبة أو يتم تصديره بشكل غير مباشر ليكون مشكلة على دول وأجهزة غيرنا. يتبع هذه الفرق بعض الأفراد من شتى الديانات يكون لديهم مشاكل اجتماعية او نفسية او غيرها ونحسن استغلالها لبرمجتهم بالقيام بأعمال ارهابية ضد الأخرين لتحقيق تشتيت وتفريق اكبر بين كل هذه الطوائف.

التطبيق يختلف أحيانا لبعض الطوائف والأديان حيث يمكن دمج إضافات بسيطة وهي تخويف كل متبعي الديانات الأصغر عددا من الأكثر عددا بأساليب مختلفة وبشكل مستمر وإعطائهم ما نطلق عليه تفكير قطبي توحدي بحيث لا يرى الا أصدقاء أو أعداء ولا ينظر للطيف الأكبرفي الوسط وهم من يطالبون بالحرية والعدل للجميع.

أما بالنسبة لمظهرنا العام في تشجيع التدين لدى الشعب فقد فتحنا عدة مدارس شرعية بمناهج معدلة من قبل اخصائيين لدينا وشجعنا على دورات عديدة لإبراز الطقوس حصرا وتجميد أو تحييد التفكيروالنقاش في المواضيع المفصلية. كمثال على ذلك هناك دورات التحفيظ المفرغ من التفكر وفهم المعاني وخاصة ما يدل منها على نبذ الاستبداد وعدم عبادة المادة وغيرها من الأمور المفصلية وقد أصدرنا عدة جوائز لتشجيع هذا النوع من التحفيظ والتنافس عليه. كمثال أخر هناك الفقه فقد أمرنا عشرات الشيوخ والطلاب بفتح حلقات للفقه ،المفرغ من اي فقه سياسي، باستثناء التشجيع على طاعة الحاكم حتى لو كان ظالما. أعطيكم مثالا على كيفية ادارة وتحكم الوقت في المجال الفقهي: خلال الشهر الماضي أمضى مئة ألف طالب خمس ساعات كل أسبوع في دراسة تفاصيل طهارة الماء وهذا يعني مجموع نصف مليون ساعة أي ما يزيد عن 57 سنة من مجموع وقت هؤلاء الطلاب تم تفريغه في موضوع واحد فقط وهذا يوازي معدل حياة إنسان تضيع اسبوعيا ونفس الأعداد مكرره لبقية المواضيع وتم تطبيقه على جميع الفرق. أيها السادة بالنسبة لوقت الشعب وفكره فهو تحت السيطرة.

- جميل جدا - قاطعه مدير الاستخبارات العامة - لقد اقتربتم من معدل إنجاز مخابرات ادارة المواد الاستهلاكية فهم يضيعون 70 سنة اسبوعيا من مجموع أعمار كل مئة الف مواطن في بحثهم عن أقوات يومهم وأرزاقهم سواء في رفع الأسعار او طوابير الانتظار او غيرها من حيلهم الكثيرة. أشار له بالمتابعة…

-أما بالنسبة للتشكيك المستمر فهذا له مدارسه الخاصة وأساتذته الذين بدورهم درسوا على أيادي رجال مخابرات سابقين بدون علمهم وتخرجوا كرجال دين. وفيما يخص خلق المشاحنات والخلافات والجدال بين هذه الفرق للحصول على المزيد من التحكم بوقت هؤلاء الأتباع وتشتيت انتباههم فقد تم الوصول لنتائج رائعة من خلال تشجيع ندوات حوار الأديان ومحاضرات النقاش المذاهبية وتلميع بعض أصحاب الأراء الجديدة وطرحها لإثارة المزيد من الجدال ومن النتائج الجانبية الغير متوقعة لهذه المؤتمرات خروج مذاهب وتيارات جديدة تنشط في بدايتها وتثير المزيد من الغبار والتشويش.

- التفت الرئيس لمدير الاستخبارات العامة متسائلا هل تم التنسيق بهذا الخصوص بين أجهزة الاستخبارات المجاورة؟

- طبعا سيادتكم التنسيق قديم ومستمر ويوجد تعاون مشترك بهذا الخصوص فالمصالح مشتركة ولحسن الحظ لم يظهر هذا التعاون للعلن بسبب تغطية عواطف الشعوب واندفاعها الأعمى بدون التفكر في النتائج وبدون تمييز الغث من السمين...

- نظر الإثنان لمدير المخابرات الدينية الذي تابع قائلا:

- من الأخبار الجيدة أن تقنيات التواصل الاجتماعي والانترنت أصبحت من وسائل الإلهاء المؤثرة جدا في مجالنا ولدينا قسم لنشر كل ما يثير الجدال والتناحر وإضاعة الوقت بين الناس الذين هم بدورهم يقومون بدور السماعات المكبرة وارساله لبعضهم البعض ليصل للملايين خلال ساعات. انتقل للشريحة التي بعدها ثم ابتسم قائلا:

أما أطرف ما في الموضوع فهناك عدة مدارس ومجموعات دينية حول العالم تتبنى هذه المناهج والطرق والمنافسات المفرغة التي قمنا بتطويرها ونشرها وبذلك فهم يسيرون على مناهجنا بدون علم ولا معرفة ويصبح معظمهم كما يقال "حافظ مش فاهم" أو حتى يظن نفسه فاهما ولكن يكون فهما منقوصا ويعتبر عاملا في جهازنا الضخم بدون علمه وبالمجان ولدينا ملف يحوي مئات الجماعات والمدارس التي تقوم بذلك ويتم تحديثه وإضافة المزيد منها بشكل اسبوعي كما يردنا من عيوننا حول العالم.

- الخلاصة أيها السادة أننا نجحنا منذ عشرات الأعوام بتفريق الشعب لشيع وأحزاب وطورنا هذا التفريق حتى أصبح من شبه المستحيل لديهم إعادة تجميع أنفسهم وأشغلناهم بأمور كثيرة تبعدهم عن التدخل في سياستنا وتحكمنا بالبلاد ومواردها وكل ما يتعلق بإدارتها حتى لا نضيع وقتنا معهم وفي خلال فترة الحكم الحالية طورنا هذه الوسائل بشكل مكثف حتى أننا الغينا معظم الارتباطات مع رجال الدين والكهنوت فقد كانت بالمئات منذ 30 سنة والأن هم أقل من عشرة رجال لدينا يعملون بهيئة رجال الدين في قمة الهرم أما الباقي -وهم بالألاف - فقد تم برمجته ليعمل بمناهجنا مع ايمانه التام والمطلق بها بدون أي ارتباط معنا وهذا انجاز عظيم جدا أما الشعب فقد تعود على ذلك عبر السنين وأصبح لديه الاستعداد الكامل لتقبل كل ما نمليه عليه وقدم الطاعة العمياء لنا كما قدمها لمعظم رجال الكهنوت هذا الشعب أصبح كالضفدع القابع في وعاء ماء و ترتفع تحته حرارة النار بشكل تدريجي حتى يصل لدرجة الغليان بدون أن يشعر ثم ضحك وأردف قائلا حسب إحدى تعابير تلك الفرق هذا الشعب أصبح "كالميت بين أيدينا نقلبه كما نشاء".

في الختام اعتذر عن الإطالة لكن كما شاهدتم الموضوع به تفاصيل كثيرة جدا وقد اختصرتها قدر الإمكان تقديرا لوقت سيادتكم مع شكري لمتابعتكم.

سادت ثواني من الصمت ثم تكلم الرئيس:

- هذه النتائج المذهلة هي نتاج أكثر من خمسين عاما من العمل الدؤوب والمستمر بدأها من كان قبلنا وورثنا عنهم كل هذه السلطة والقوة والثروة التي نستمتع بها مع المقربين منا تذكروا دائما أنه يجب علينا الحفاظ على هذه النتائج وإن فرطنا بها فسنسقط جميعا في قبضة شعب يريد الانتقام إن تنبه لما فعلناه به. ولكن بعد كل هذه النتائج الجميلة ما هو الخبر السيء الذي ذكرته في بداية حديثك؟

- تجهم وجه قائد المخابرات الدينية وخرج صوته كالفحيح قائلا: لدينا مشكلة مع شخص جديد يدعى ملهم أبو جواد. إنه يحاول هدم كل ما بنيناه..

- وكيف سيهدم؟ ...تساءل قائد المخابرات العامة.

- إنه يقول أنه لا داعي في الوقت الحالي الأن لأي جدال ديني بين الفرق فهذا الجدال قد فرق كل الأديان عبر التاريخ ويذكرأمثلة انقسام الديانة المسيحية خلال اجتماعات نيقية وخلقيدونية وكيف أنها كانت عادة تبدأ بجدال وضرب أمثلة غيرها من انقسامات وخلافات حصلت بين المسلمين وسببها الأصلي جدال ويقول أن كل شخص هو مسؤول أمام ربه وعليه البحث والعمل والتفكر للوصول للحقيقة والواجب أن تنشغل الشعوب بقضايا اخطر مثل الاستبداد والديكتاتورية وهدر الأموال العامة وقمع الحريات وهي أخطر لأنه لا يمكن أن يكون الإنسان عبدا حقيقيا خالصا لله إن كان مقموعا فاقدا لحريته الكاملة أو عبدا بشكل ظاهر أو باطن لمستبد يتحكم به بأشكال مختلفة. إنه يقول أن أول عمل يقوم به الدين الحق هو تحرير الناس. هذا الشخص خطير جدا في أفكاره وكأنه يقرأ ما نفعله أو يطلع عليه بتفاصيل مخيفة أحيانا.

إنه ينشر أننا نحن من نصنع كل هذه الخلافات والنقاشات وأننا سبب كل التخلف الذي تمر به البلاد وحتى يتهمنا بصنع الطبقات الاجتماعية والاقتصادية المتفاوتة إضافة للفرق الدينية لزيادة التفرقة في المجتمع والسيطرة التامة عليه والمشكلة أنه يوزع نصائحه بشكل فعال وأًصبح له الكثير من المستمعين وبدأ البعض بالانتباه لما نفعله فعلا.

- وقف رئيس الدولة غاضبا وصرخ: هذا لا يمكن السكوت عليه أبدا إنه شرر صغير لنار قد تكبر وتحرقنا... ماذا فعلت بخصوص هذا الداهية؟

- كما اتفقنا ان لكل مديرجهازعدد معين من المواطنين يمكنه التصرف بهم وقتلهم طالما أنهم ليسوا مصنفين كأتباع لجهاز أخر وحسب ما تعارفنا عليه فقد أمرت بتصفيته وتم تنفيذ العملية صباح الأمس.

- تهللت أسارير الرجلين وصاح مدير المخابرات العامة ممتاز..

- قاطعه نورس ،مكملا بأسى، للأسف نجا بإعجوبة وأخذ قرارا سريعا بالهجرة وقد غادر البلاد فعلا بحيلة وعبر منفذ غير رسمي.

- تجهمت أساريرهم لوهلة ثم حاول قائد المخابرات العامة تغطية زميله قائلا: لا بأس سنتعامل معه في الخارج لاحقا إن أصدر أي صوت.

- أنهى الرئيس تلك الجلسة بتنبيههم على متابعة ملهم أبو جواد والاستمرار في كل ما يقومون به ثم صرفهم بعد تلقيه عدة اتصالات من ابن خاله وزير الاقتصاد والمسؤول عن كل الشراكات التجارية والمالية للأسرة في داخل البلد وخارجها.

***********

بعد عدة أشهر وفي إحدى القرى الجبلية كان ملهم أبو جواد قد أنهى عمله اليومي إضافة لأمور بيته وأسرته وتوجه لشرب الشاي المسائي مع مجموعة من سكان القرية الذين صادقهم وتعرف عليهم خلال فترة إقامته بينهم. كان مجلس المجموعة في حديقة على طرف القرية وكان يستمتع بهذا المسير الليلي خاصة اذا هبت تلك النسائم الجبلية العليلة محملة برائحة الجبال والأشجار المحيطة بهم. عب بضع نسمات من الهواء وشعر برضا وسعادة وطمأنينة لم يكن يشعر بها حتى في بلده السابق. وصل ملقيا السلام ورحب به الجميع. بعد تبادل التحيات وتجاذب أطراف الحديث شارك كل شخص بخبر أو سلافة ثم وصل دور الكلام له فأنصت الجميع لاهتمامهم بأسلوبه وخطورة مواضيعه. كان يشعر أنها رسالة وأمانة عليه أن يبلغها للجميع فالظلم لا يميز وإن لم تنتبه الشعوب ستستغل ويدفع أبنائهم الثمن لأزمنة طويلة.

نظر في أعينهم وخاطبهم من قلبه ولسانه قائلا:

تكلمنا في اللقاءات السابقة عن لا جدوى الجدال في أمور كثيرة وكيف أنها مجرد تشتيت وإلهاء وإضاعة وقت وقع بها العديد من الأمم السابقة وتكلمنا أيضا عن القضايا الكبرى وأن سبب التخلف هو الإنسان المقهور المظلوم واليوم سأخبركم عن مثلث هذا القهر المكرر بأشكال مختلفة وهو مكون من فرعون وهامان وقارون…

النهاية
****************