السبت، 2 نوفمبر 2019

خلاصة كتاب - الهجرة: كيف تؤثر في عالمنا

الهجرة: كيف تؤثر في عالمنا؟، هو كتاب لعالم الاقتصاد الاستاذ بول كوليير يناقش فيه الهجرة وتأثيراتها سواء على البلدان المهاجر منها أو المهاجر إليها إضافة للمهاجرين أنفسهم وعلى السكان الأصليين ولا ينسى التأثيرات حتى على الذين بقوا في بلادهم ولم يهاجروا. 

يسرد الكاتب كيف هاجر جده من قرية ألمانية الى مدينة انجليزية والعنصرية والمتاعب التي تعرض لها ثم يطرح بعض التساؤلات والأفكار مثل: هل يهاجر الأكثر قوة وجرأة تاركين الضعفاء لمصيرهم وهل يمكن اعتبار الهجرة ثأر او استعمار مضاد حيث يقيم المهاجرون مستوطنات في البلدان المضيفة تؤثر على الموارد والقيم وماذا لو انتشرت الهجرة حتى تتلاشى الهوية والانتماء والقومية؟  ويقول أن طرح سؤال هل الهجرة جيدة أم سيئة هو مثل القول هل الأكل جيد أم سيء... السؤال الصحيح هو كم العدد الأفضل؟. 

بالنسبة له كعالم اقتصاد يعدد الكاتب أعمدة ازدهار الدول التي أهمها: المؤسسات الديمقراطية والاقتصادية ، شعب عنده معرفة بضبط السياسيين إضافة للنموذج الاجتماعي الذي يشمل (المؤسسات العامة - قواعد التعاون والتعاطف الاجتماعي – معايير الثقة والانتماء  – المنظمات والهيئات الخاصة) وعندما يختل ويفشل هذا النموذج الاجتماعي يعمد البعض للهجرة حتى لو كانت بلادهم بها قيم أفضل من البلاد المضيفة لكن اختلال ذلك النموذج يتسبب في فقر وتفاوت كبير في الحريات والديمقراطية التي ترتبط بدورها بالرخاء الاقتصادي.
ينتقل الكتاب لذكر أهم عوامل زيادة الهجرة ومنها: ارتفاع مستوى الدخل بين الدول والحاجة لعمالة ، تخفيف عوائق الهجرة القانونية-الاجتماعية ، ارتفاع عدد المهاجرين من جنسيات معينة مما يجذب أبناء بلدهم. الجدير بالذكر هنا أن هذا الارتفاع لجالية ما يبطئ من ذوبان او اندماج تلك الجالية في البلد المضيف ومما يؤثر في سرعة الاندماج أيضا تعامل السكان الأصليين وقوانين البلد والمساعدات الاجتماعية إضافة للثقافة واللغة. 

يحذر الكاتب من تكتل المهاجرين مع حزب واحد من الأحزاب  لما لذلك من نتائج سلبية منها أن السكان الأصليين سيعمدوا للتكتل مع الحزب المضاد لموازنة القوى وهذا سيصنع سردية أن هناك حزب مع المهاجرين وحزب ضدهم وعند فوز حزب دون الأخر قد يحصل تمييز أو عدم تمثيل كامل لكل الشعب والحل ،من وجهة نظره، هو الحوار المفتوح بناء على معلومات حقيقية وعلمية وعدم الاختلاف حول مواضيع الهجرة بين كافة الأحزاب. 

يربط الكاتب بين الاعتبارات المشتركة والثقافة ومعاييرالثقة في المجتمعات وأهميتها لتحقيق التعاون والمساواة وكيف أن دخول جماعات ذات ثقافات مختلفة قد تؤثر سلبا ويسرد عدة قصص لأحداث حقيقية توضح ذلك. الثقة والتعاطف ضرورة في المجتمع لجعل الأغنياء يعطون للفقراء أو يشاركوهم في الموارد وهذا التعاطف يتطلب إحساس مشترك بالهوية وهذا الإحساس قد ينقص أو يزيد فعلى سبيل المثال في عام 1991 وافق 58% من البريطانيين على زيادة المساعدات الاجتماعية حتى لو زادت الضرائب ولكن في 2012 تقلصت النسبة ل 28%. 

- النتائج الاقتصادية للهجرة:
 يتصور الكثير أن المهاجرين ينافسوا السكان الأصليين على أجورهم إضافة لمشاركتهم المرافق الحكومية والمدارس والمستشفيات والطرق وغيرها من الموارد. ولكن طبقا للدراسات الاقتصادية فإن الهجرة فعلا أثرت على الرواتب المتدنية بينما زادت بقية الرواتب بشكل إيجابي أكبر من النقصان وساهمت في توسيع نطاق الخدمات مما ساعد الكثير من أصحاب الأعمال على زيادة الانتاجية وتوسيع العمل ودفع رواتب أعلى لفئات أكبر وعادة يكون الإبداع أعلى عند المهاجرين مما يساهم في نجاحهم ودفع عجلة الاقتصاد وهذا بدوره جيد للجميع ماعدا بعض الفئات الأقل نجاحا التي يزداد تثبيطها أما بالنسبة للسكن فالحقيقة أنه يحصل تنافس على السكن الاجتماعي وعلى الايجار والشراء وتقل المساحات المتاحة مما يدفع السكان الأصليين للنزوح للضواحي (مثال وسط لندن وأغلبيته المهاجرة).
 من النتائج يظهر أيضا أن المهاجرون رابحون ماديا ولكنهم أيضا خاسرون لأنهم غالبا يتنافسون مع بعضهم البعض بشكل أكبرعندما  يأتي مهاجرون جدد للبلد المضيف وهذا يعبرعن "جدلية الهجرة" حيث يصبح بعض المهاجرون القدامى ضد الهجرة. أيضا في بعض الحالات يشكل المهاجرون نماذج اجتماعية أو مؤسسات فاشلة في بلاد الاغتراب وهي أصلا سبب هروبهم من بلادهم.
من النتائج أيضا استفادة بلاد الأصل من حوالات المهاجرين بشكل كبير. أخيرا يجب ملاحظة أن البلدان الصغيرة اكثر تضررا في خسارة كوادرها (استنزاف العقول) خاصة في حالة تسارع الهجرة منها. 

من الناحية السياسية فالكثير من حكومات بلدان الأصل تعتبر مجموعات المهاجرين منها عبارة عن مخاطر كامنة فهم أرض خصبة للمعارضة التي تنشر افكارها وترتاح تلك الحكومات لهجرة المتعلمين الذين يطالبون بالديمقراطية منها مما يعطي بعض الراحة والتفريغ لصمام الأمان بالنسبة لها. على الجانب الأخر فإن الهجرة قد تساهم في خلق قادة جيدين وموارد بشرية أو أصول جيدة للبلاد التي هاجروا منها. (الدليل هو الأعداد الهائلة من المسؤولين في بلادهم الذين كانوا مهاجرين سابقين)

يناقش الكاتب أيضا جدلية القومية وأهميتها للتعاطف المشترك وخطورتها في نفس الوقت لارتباطها بالعنصرية مقابل الفردية الليبرالية التي قد تؤثر على العمل الجماعي والتعاطف المشترك ويقول أنه يمكن التوفيق بين الانتماء لأمة والوقوف ضد العنصرية في نفس الوقت. 

في الختام يؤكد الكاتب أن سياسة الهجرة خضعت لمجادلات حادة منذ زمن طويل وصممت بدقة لكي تخدم مصالح السكان الأصليين وأن الهجرة المتوازنة المحسوبة ليست خطرا يهدد البلاد المضيفة إن تم موازنتها و التحكم بها بدقة بل هي صورة للتقارب بين الأمم وبفضلها أصبحت المجتمعات ذات الدخل المرتفع متنوعة الأعراق وكيف أن التزاوج المشترك خفف من العنصرية حول العالم وقد تصبح الهجرة طوق نجاة أو برنامج مساعدة لامركزي يحسن حياة الملايين من الشعوب الفقيرة.