الاثنين، 21 سبتمبر 2020

خلاصة كتاب نظام التفاهة - ألان دونو(لا تكن إمّعة)

ملاحظة شخصية على ترجمة العنوان: كان الأجدربالمترجمة استخدام كلمة الإِمَّعة أو الإِمَّعية بدل كلمة التفاهة فهي -من وجهة نظري- أدق وأقرب لما يحاول المؤلف أن يعبر عنه وللقارئ أن يحاول استبدال الكلمة كلما مرت معه في الخلاصة أو الكتاب ليتضح المعنى. 

- الإنسان التافه أو الإِمَّعة هو الشخص الذي تستطيع أي جهة ما نقل تعليماتها من خلاله بما يسمح بترسيخ نظامها حتى لو كان متخصصا أو محترفا في مجاله. هذا الشخص الذي يغير رأيه باستمرار ويتبع عبارة "عليك أن تلعب اللعبة" على رقعة الشطرنج الاجتماعي يرسّخ نظام التفاهة تدريجيا في ذلك المجتمع حتى يسيطر على كل شيء.  لعبة القوانين والتسلق والسرقة وغيرها يمكن ملاحظتها في العديد من المؤسسات والمجالات والوظائف. 

في الفصل الأول "المعرفة" والخبرة بيّن المؤلف كيف أن علاقة الجامعات اقتربت من الشركات التجارية وابتعدت عن عملية المعرفة الحقيقية وأن بعض الأساتذة أصبحوا سماسرة يبيعون نتائج الأبحاث للممولين وأن إخضاع الأبحاث الجامعية لمعايير المشروعات الخاصة هو شي ضار بهذه الأبحاث كما ذكر أن تزايد حملة شهادات الدكتوراه في الغرب يمكن ان يفسر السبب وراء كون العديد منهم عاطلين عن العمل وتطرق لتورط الكثير من الجامعات في استثمارات سيئة في جزر الجنان الضريبية. 


في الفصل الثاني: "التجارة والتمويل" ذكر الكاتب عدة أمثلة توضح أن السوق الاقتصادية يلعب بها خوارزميات بطريقة لم نعد نستطيع فهمها وأن النظام الاقتصادي يتم التلاعب به ويتم ايهامنا انه يوضع موضع التطبيق في قرارات الاشخاص الذين نعتمد عليهم من ذوي السلطة وأنه كلما تراجعت الأوليغارشية لعاداتها السيئة (فساد - تدليس - تفاهة) سارع "الخبراء" (الإمعات) الذين يتقاضون رواتبهم منها إلى إنقاذها خاصة المصابين بالطمع أو مرض المال حيث أن المال يصنع لهؤلاء الناس ساترا يخفي كل شيء والنقود تصبح القيمة المطلقة في عالم التفاهة وطبقة الأغنياء يراقبون جبال الذهب التي يكنزونها بينما من حولهم في ضنك العيش.

تحدث ألان عن مشاكل الاستعمار ومخلفاته في بعض دول أفريقيا وعن نهب مواردها وسيطرة المستعمرين على الحكومات المحلية ومحاربة الاكتفاء الذاتي وحتى استخدام المؤسسات غير الربحية للسيطرة والنهب. كما ذكر الحركات العمالية وهل هي سياسية أم لا وكيف أن بعض الدول تسمح بحركتها طالما لا تمس إطار السلطة. 


في الفصل الثالث - "الثقافة والحضارة" يفرق الكاتب بين الإقتصاد الروحي أوكما يصفه فرويد(الاستثمار الغريزي - مدخرات الطاقة) والإقتصاد المادي الذي يتكون من صفقات تجارية. الأول هو الفعال بمراكمة رأس المال ففن صناعة المال هو مسألة حوافز ثم يبين كيف أن النقود تخدم الفن وتستخدمه في نفس الوقت لتخبر عن نفسها باعتبارها وسيلة للتأثير في التفاهة (الإمعية) في أعظم حالاتها.  

يقارن الكاتب بين من يبحثون عن المال للتحرر من الجهود السيكولوجية والتراخي الأخلاقي (الأثرياء غالبا) وبين من يبحثون عنه كأجر للمعيشة ويأتي معه الصمت "اخرس انا ادفع لك" أو "ابتسم أنا ادفع لك" أو "الزبون دائما على حق".وهذا يشير إلى أن النقود هي عامل قمع وشراسة وعنف ينكره الأثرياء بينما هم يباشرونه ويكبته الفقراء فيما بسلمون أنفسهم له. 

يستشهد الكاتب بمقولة أدورنو وهوركهايمرفي أنه لا حاجة للسينما والاذاعة ان تتظاهرا بعد الأن بكونهما فنا. حقيقة الأمر هي انهما لا تعدوان ان تكونا اعمال تجارية وأنه لا اعتبار للفنانين فالعمل يفرض عليهم وفقا لأهداف السوق. وبعض الفنانين يلعبون اللعبة أو يتم التلاعب بهم من خلال قضايا إنسانية أو مشاعر لتحويل الأنظار عن القضايا السياسية أو الفساد.  أما التلفاز فهو يحد من التفاعل الاجتماعي ومحفز لتجارة الاستهلاك التي تقدم منتجات تحل المحل العاطفي للرابطة الاجتماعية.

 وينتقل لما ذكره هربرت ماركيوز عن أنه اذا كانت جميع طبقات المجتمع تتمتع بنفس أساليب الرفاهية فهذا لا يعني اختفاء الطبقية بل هو تأكيد لأي درجة يشارك المُسيطرعليهم في الاحتياجات والإرضاءات الضامنة للإبقاء على الطبقات المهيمنة. 

في الفصل الأخير "ثورة - إنهاء ما يضر بالصالح العام" يقول الكاتب أن الدعوات إلى التصرف والثورة تطلق في حالة ارتباك ظاهر ويعبرعن الخوف من ثورات مفتعلة يصحبها تغيير شكلي من قبل نخبة تحرص على التأكد من عدم تغير أي شيء وبالتالي يستمر الفساد والضرر بالصالح العام.

كتشخيص إضافي يقول أننا الأن نطور معرفة وتسمية الواقع الذي يوجد به الفساد والتفاهة (الإمعية) مقابل معرفة حركات الانعتاق ( red squares - occupy - spring uprisings) التي ،برغم عدم خلوها من الاخطاء، تستمر في محاولتها لتقويض وتخريب المؤسسات التافهة. 

خلال فصول الكتاب ذكر المؤلف العديد من المؤلفات والأفلام مثل: فلسفة النقود - سادة الندى Masters of the dew - المساعدة القاتلة - نقد العنف - زمن المهرجين - ديالكتيك التنوير - الرجل ذو البعد الواحد - المزيفون - الفهد - الأرض السلطة الحقوق. The Wanted 18 - Lets make money - White collar وغيرها. 


في الخاتمة "سياسات الوسط المتطرف" ضرب أمثلة عديدة على أن قيم الجناح اليساري قد فرغت من محتواها بحيث أن الكثير أصبح في الوسط ولم يعطوا أي أولوية لما يمكن ان تكون عليه المساعي الجمعية. وبالنسبة للجناح الليبرالي فقد ركب على موجة الأقليات ومقاومتها التاريخية واستخدمها كبضاعة لعرضها في واجهاتهم الانتخابية. إنهم لا يهتمون بكون الجامعة تعمل وكأنها معمل للسجق ما دامت هيئة التدريس والطلبة قد ضُمن لهم الاعتراف بهوياتهم المحددة. ينتقل للفوضوية ويقول أن من يميل إليها يكون بسبب وحشية الرأسمالية. ويبين كيف أن ردود أفعالهم وسلبيتهم وسخريتهم تلقي الضوء على سلبيات الأنظمة المسيطرة. 

أما بالنسبة للوسط المتطرف extreme center (الذي يمثل الإمعية بوضوح) فهو ،بحسب تقديم المؤرخ بيير سيرنا،  تناسخ مجموعة من قالبي السترات المكونين من سياسيين هادئين راجحي العقل ولكنهم يحافظون على مناصبهم من خلال التمسك بكلمتهم والتراجع عنها باستمرار. روحة وجيئة من دون توقف. وتدريجيا تم الانتقال من فترة كان المرء فيها مخلصا لقناعاته حتى لو كلفته حياته إلى فترة فاسدة سمتها هشاشة وتغير الكلمة كل يوم. ثم تطور ذلك مؤخرا إلى اللغة الخشبية "لا تعتبر قد رجعت في كلمتك إن لم تقل شيئا".

من ضمن التشخيص يؤكد الكتاب أننا نعاني حدة نقص في الفكر الجمعي وأن الطبقة الوسطى مشتتة وملهاة بالكثير من الأمور منها الاستهلاك والأسعار والمزايا المهنية. 

تحدث أيضا عن "دين الشركة" و"دين العلامة التجارية" وعبادة تلك العلامات كونها "ضرورة للمستهلك أو إيمان منه". إضافة لإجبار الموظفين على تبني ممارسات الطائفة وفرض دورات في التفكير الايجابي ومطالبتهم ان يكونوا بشوشين في هذا "العالم الشجاع الجديد" . أما "المواطن" فقد انحدرت به الحال الى "فرد" تتقلص قيمته احيانا لحد يضطره للتساؤل حول مصدر السلطة.  التي تعني بالنهاية قوة عدائية. السلطة اصبحت غالبا شركات أو اشخاص اعتباريين-قانونيين. 

يؤكد الكاتب أنه يتم تغطية وتمويه العديد من أسباب المشاكل الرئيسة بأغطية وهمية وإخفاء الأسباب الحقيقية وأن الحال وصل لأنه لا يمكن لأحد في هذه الأيام أن يشجب تفاهة أو توسط الأشخاص الذين يحاولون اخذ مسافة متساوية من الجميع.

في أخر صفحة يسأل الكاتب بصيغة يائسة ما الذي يمكن عمله حول شرور زماننا حيث اقتصاديات شركات البترول أشبه ما تكون بالمافيا والانتاج الاعلامي مصمم للتلاعب بناء على اساس من التجارب العصبية وقارة من البلاستيك تتشكل في المحيط الهادي وتوترات تثور بلا هوادة في مناطق الصراع الجيوسياسي؟ ما الذي استطيع عمله أنا الشيء الصغير النكرة المجبر على أكل البيتزا المجمدة بداخل شقتي المكونة من نصف سرداب واعيش في محيط من معدل البطالة المرتفع والايجارات العالية ووحشية الشرطة؟

الجواب هو توقف عن السخط وانتقل لما بعد ذلك. إعمل بلا هوادة لخلق قضايا وجيهة. التق مع أخرين في تجمعات بخلاف الطائفية والشللية. إسخر من الايديولوجيات، اختزل المصطلحات التي تريد البروباغندا كتابتها في جوهر ذواتنا وحولها الى موضوعات مجردة للتفكير. تجاوز أساليب السيطرة التي تمارسها المنظمات وحاول خلق بنى تشبهنا. كن راديكالياً. (بمعنى أن تنظر للب الأمور وجوهرها وأسباب المشاكل الرئيسية ولا تكن إمّعة).



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق