الثلاثاء، 2 أبريل 2013

المعارضة الخارجية و العيون العسليه

المعارضة الخارجية و العيون العسليه
محمود الجسري

منذ حوالي خمسة و أربعين عاما حصلت إحدى التجارب النفسيه في مدرسة إبتدائيه بولاية ايوا الأمريكيه و كان هدف هذه التجربة هو خلق مجموعات مختلفة في فصل واحد من التلاميذ البيض المسيحيين الذي لا يوجد بينهم أي فروقات يستطيعوا تمييز بعضهم  منها.
كان الهدف من خلق هذه المجموعات هو تعريف التلاميذ في الصف الثالث ابتدائي بمعنى التمييز العنصري لأنهم كانوا في بيئة من الصعب التمييز بها و لذلك فقد اخبرتهم المعلمة الخاصة بهم في صباح أحد  الأيام أن أصحاب العيون الزرق هم الناس الأفضل في غرفة الفصل و أنهم الأذكى من أصحاب العيون البنيه الذين هم أقل ذكاء و يجب عليهم البقاء في الفصل لوقت أطول ولا يجب أن يشربوا من نافورة الماء الخاصة بالطلاب بطريقة مباشره بل باستخدام الأكواب الورقيه فقط و طبعا لا يمكنهم اللعب مع أصحاب العيون الزرقاء في ساحة المدرسة لأنهم أفضل منهم و هم - أي أصحاب العيون البنيه - ليسوا بكفائة مماثلة للعيون الزرق.

 طبعا رد فعل ذوي العيون البنيه كان مزيجا من الحزن و الارتباك والصدمة و الانعزال و الغضب بينما أحس تلاميذ العيون الزرقاء بالسعادة و بأنهم أسمى و أفضل و أذكى و تغيرت معاملتهم الى الغرور و الخبث مع أقرانهم من ذوي العيون البنية الذين كانوا أفضل أصدقائهم بشكل مطلق في اليوم السابق.
و إحدى الأمثلة للتعامل التي حصلت في نفس اليوم أن طالبا ضرب صديقه بعد أن شتمه و نعته بأسماء خبيثة و لما تم سؤاله عن ماذا قال صديقه من شتيمة أجاب بأنه قال له "عيون بنيه"  و عند الاستفسار بسؤاله و ما المشكله في نعتك بعيون بنيه أجاب الطفل بعيون  باكيه لأنه هذا يعني أننا أغبى و لكننا لسنا سيئين لهذه الدرجة وبعد هذا المثال تمكنت المعلمة من تعريف التلاميذ معنى التمييز العنصري ولكنها كانت مذهولة لسرعة تعلمهم و ممارستهم للعبة العيون الزرق و البنيه التي تم تجربتها لاحقا بطرق مختلفه على طلاب كبار و سببت لهم نفس المشاعر و التغيرات حتى ابكت بعضهم.
سيتم ارفاق فلم التجربة التي ذكرتها لكم في أخرالمقال فهي جزء من فلم وثائقي بعنوان خمس خطوات لصناعة الطغيان و ينصح بمشاهدته و لكن هذه التجربة لفتت نظري لما يزرعه أعداء الشعب السوري أو من لهم مصالح خاصة من تفرقة بين جميع فرق السوريين بل أحيانا قد نفعل هذا في بعضنا عن عمد مع سبق الاصرار بسبب عدم انتباهنا أو جهلنا لهذه النقطه.

تعدد الفرق السياسية قد يكون ظاهرة صحية عموما لكن عند وجود قاتل مشترك لجميع هذه  الفرق و القوى فالأولى لها أن تنسى فروقها و اختلافاتها و تقف جميعا صفا واحدا ضده و أن لا يكون لكل فرقة أجندة خاصة بها و إلا كانوا كسباحين ماهرين متفرقين في حوض سباحة واحد مع قرش مفترس ينهشهم الواحد تلو الأخربدون مقاومة تذكر.

 أشهر هذه التقسيمات على الوضع السوري حاليا هومعارضة الخارج و معارضة الداخل  و معارضة الفنادق و الخنادق والكردي و العلماني و الإسلامي و غيرهم وجماعة حلب و جماعة دمشق و حماصنه و درعاويه ووو... و تقسيمات كثيره يصعب تعدادها و حصرها  فكل طرف أعطى للأخر لون عيون مختلف و أصبح يعامله بناء على ذلك و نسي أو تناسي كل طرف تضحيات الأخر فكلهم قد فقدوا شهداء من أصدقائهم أو أقربائهم  وكلهم قد نابه و أصابه شي من ظلم النظام و كلهم قد سلب وطنه او حريته أوأحبته أو ماله في وقت من الأوقات من قبل نظام ظالم جائر.
و للأسف الشديد فقد تم تدريس لعبة العيون الزرق و البنية و تمريرها لشعوب الدول العربية بعدة طرق و أشكال لظمان وصولها حتى على المستوى الاجتماعي و ليس فقط السياسي و ربما مستويات إضافيه لا نشعر بها بشكل مباشر وهذه قد تكون أخطرها علينا.
و للإنصاف يمكن القول أنه لم يتم تدريسها بل التذكير بها وإذكاء نارها و النفخ فيها فهذه الأمور كانت سابقا موجودة من أسس الجاهليه و فترة الانحلال و الضعف في الشرق الأوسط و قد نهانا الرسول الكريم عنها و  علمنا بأنها نتنه و يجب الابتعاد عن دعوى الجاهليه التي تفرق و لا تجمع و تحصد ولا تزرع. و كان تركها أحد أسباب ارتقاء شعوب تلك المنطقة و تدرجها في العلم و العمل.

عند وصول القادمين الجدد الى كندا او بعض الدول المتقدمة الأخرى يتم إعطائهم ورقة أو كتيب صغير حال وصولهم يشرح لهم أن التمييز بكافة أنواعه هو خطأ بل جريمة يعاقب عليها القانون.  و هذا ما يجب أن يعطى  لكل معارض أو مشارك في جميع أحزاب المعارضة و فئاتها حتى يمكن اجتماعهم على كلمة واحدة على الأقل في هذه الفترة حتى سقوط الديكتاتوريه و الظلم.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق